الحمد لله.
أولاً:
نسأل الله تعالى أن يُعظم لكم الأجور على ما أصابكم ، ونأسف أن تكون هذه أخلاق مسلمة رزقها الله تعالى زوجاً يعفها ، ورزقها ابناً يسليها ، وبيتاً يأويها ، ورزقاً يأتيها ، ثم هي تكفر هذه النعَم ، ولا تشكر منعِمَها ، بل تعصي الله تعالى وترتكب ذنباً هو من أكبر الكبائر .
ولا شك أن زوجها قد أخطأ بإرجاعها ، إن لم يكن في المرة الأولى ففي المرة الثانية ، ولم يظهر لنا أنها تابت وأنابت حتى يأمنها على عرضه ، وإن خطأه ليعظم إن أراد أن يرجعها بعد خطئها في المرة الثانية التي طلقها بعده .
وإننا لننصحه أن لا يفكر في إرجاعها لعصمته ، فمثلها لا يؤتمن على عِرض ولا بيت ولا مال ولا ولد .
وليحذر هذا الأخ أن يكون ممن نزعت منهم الغيرة على عرضه ؛ فإن ذلك منافٍ لكمال الإيمان ، ولا يرضاه من رزقه الله ديناً وفطرة وعقلاً ، فكيف يقبل أن تكون امرأته ممن تختلي برجل أجنبي مرة ، ثم تلاحق آخر ليزني بها ؟! وإن لم يكن هذا هو " الديوث " فمن هو يكون ؟! وإننا لنربأ به أن يكون من أولئك الذين لا يغارون على أعراضهم ، وقد أحسن بتطليقها فليس عليه أن يسيء بإرجاعها .
عن عبدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( ثَلَاثَةٌ قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ الْخَمْرِ وَالْعَاقُّ وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ فِي أَهْلِهِ الْخَبَثَ ) .
رواه أحمد ( 9 / 272 ) وصححه المحققون ، وحسَّنه الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " ( 2 / 299 ) .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 31 / 340 ، 341 ) :
ومَن لا يغار على أهله ومحارمه : يُسمَّى : " ديّوثاً " ، والدّياثة من الرّذائل الّتي ورد فيها وعيد شديد ، وما ورد فيه وعيد شديد يعدّ من الكبائر عند كثير من علماء الإسلام ، جاء في الحديث : ( ثلاثة لا ينظر اللّه عزّ وجلّ إليهم يوم القيامة : العاقّ لوالديه ، والمرأة المترجّلة ، والدّيّوث )- رواه النسائي ( 2561 ) ، وصححه الألباني في " صحيح سنن النسائي " - .
انتهى .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن حادثةٍ شبيهة تماماً لما حصل مع أخيكم ، فانظروا السؤال وجوابه .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - :
عمَّن طلع إلى بيته ، ووجد عند امرأته رجلاً أجنبيّاً فوفَّاها حقَّها وطلَّقها ، ثم رجع وصالحها ، وسمع أنها وُجدت بجنب أجنبيٍّ .
فأجاب :
في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم ( أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا خَلَقَ الْجَنَّةَ قَالَ : وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا يَدْخُلُك بَخِيلٌ وَلَا كَذَّابٌ وَلَا دَيُّوثٌ ) ، والديوث : الذي لا غيْرة له ، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ وَإِنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْعَبْدُ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ ) [ متفق عليه ] ، وقد قال تعالى : ( الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) ، ولهذا كان الصحيح من قولي العلماء : أن الزانية لا يجوز تزوجها إلا بعد التوبة ، وكذلك إذا كانت المرأة تزني لم يكن له أن يمسكها على تلك الحال ، بل يفارقها ، وإلا كان ديُّوثاً .
" مجموع الفتاوى " ( 32 / 141 ) .
فينبغي أن يكون هذا الحكم قاطعاً عند أخيكم فلا يرجعها لعصمته ؛ بل لا يفكر في ذلك مجرد تفكير!!
تنبيه : الحديث الأول الذي ذكره شيخ الإسلام : ( .. وعزتي وجلالي .. ) لم نقف عليه ، وحديث ابن عمر الذي ذكرناه في الجواب يغني عنه .
ثانياً:
الذي ننصحكم به :
1. التشديد على أخيكم بعدم إرجاع زوجته المطلقة ، والتشدد في ذلك ، بذِكر الحكم
الشرعي لفعله ، ومخاطبة عقله بما سيترتب على إرجاعها من قطيعة رحم . وتهديده
بالمقاطعة له من أهله ، وكل من يحبه ويغار عليه .
2. المسارعة في البحث له عن زوجة صالحة تنسيه ما سبق من آلام ، وتعوضه ما فاته من
هذه الزوجة .
مع التنبيه على أنه كان من حقه التضييق عليها للتنازل عن مهرها ، وانظروا تفصيل ذلك
في جوابي السؤالين ( 94893 ) و (
103882 ) .
والتنبيه على أنها لا تستحق حضانة ابنه ، وانظروا جواب السؤال رقم (
98965 ) وفي هذا الجواب تفصيل مهم
لأحكام شرعية تترتب على اكتشاف الزوج علاقة محرَّمة لزوجته مع رجل أجنبي ، فلينظر .
والله أعلم
تعليق