الحمد لله.
يجوز للموقوف عليه المعيّن أن يتنازل عن حصته من غلة الوقف وثمرته ؛ لأنه يملك هذه الغلة ملكا تاما ، فله أن يتصرف فيها بما شاء من أنواع التصرفات ، كأن يكون الوقف عمارة مثلا ، تصرف غلتها وإيرادها على جماعة معينة ، فمن أخذ نصيبه من الغلة جاز له أن يهبها لغيره .
قال ابن قدامة رحمه الله : "الملك فيها تام (أي في ثمرة الوقف وغلته) , له التصرف فيها بجميع التصرفات , وتورث عنه " انتهى من "المغني" (5/ 372) .
وقال في "كشاف القناع" (4/ 256): " ويملك الموقوف عليه نفع الوقف ويملك غلته وكسبه وثمرته بغير خلاف نعلمه ; فيستوفيه بنفسه , وبالإجارة , والإعارة , ونحوها إلا أن يعين في الوقف غير ذلك ، قاله في المبدع " انتهى باختصار .
ومنع بعض الفقهاء من التأجير إلا إذا كان ناظرا للوقف أو بإذن الناظر ، كما سيأتي .
وإن كان الوقف على جهة ، كالفقراء ، أو طلبة العلم ، فالموقوف عليه لا يملك المنفعة ، بل يملك الانتفاع فقط ، فليس له أن يعير أو يؤجر أو يجعل غيره مكانه ، بل يرجع الأمر إلى ناظر الوقف أو الجهة المتولية للوقف لتنظر في شرط الواقف وفي ترتيب الجهات المستحقة للوقف إن وجدت .
قال في "مغني المحتاج" (3/ 546): "ومنافعه أي الموقوف على معيّن عند الإطلاق ملكٌ للموقوف عليه ، وفسر المصنّف هذا الملك بقوله : (يستوفيها بنفسه وبغيره بإعارةٍ وإجارة) كسائر الأملاك , ولكن لا يؤجّر إلا إذا كان ناظرا أو أذن له الناظر في ذلك ...فإن كان الوقف على جهةٍ كالفقراء لم يملك الموقوف عليه المنفعة بل الانتفاع , أو قُيّد بشيء كما لو وقف دارا على أن يسكنها معلم الصبيان بالقرية مثلا ، ليس له أن يسكنها غيره بأجرة ولا بغيرها , وقضية هذا [أي : يستفاد من هذا الحكم] منع إعارتها ، وهو كذلك وإن جرت عادة الناس بالمسامحة بإعارة بيت المدرّس ونحوه " انتهى .
والله أعلم .
تعليق