الحمد لله.
أولاً:
قصتك فيها كثير مما يجب التنبيه عليه ، وذِكر حكمه ، والنصح في شأنه ، ولا ندري كيف نبدأ ومن أين نبدأ ، فالمآسي كثيرة ، والأحكام متشعبة ، ونسأل الله أن يشفيك ، ويعافيك ، وأن يهدي والدك للحق ، وأن يوفق زوجك لما يحب ويرضى ، ونحن هنا نوجه له الشكر على تحمله لكِ ولبلائك ، ونسأل الله أن يكتب له الأجر والمثوبة .
ثانياً:
لا يجوز لأحدٍ من الأولياء أن يزوج موليته – ابنة كانت أو أختاً – رغماً عنها ،
فرضى الزوجة شرط من شروط صحة النكاح – إلا أن تكون صغيرة دون البلوغ ، ويكون الولي
هو الأب الثقة العدل - .
وقد أعطت الشريعة الحق للمرأة في أن تقبل أو ترفض من يتقدم لخطبتها ، وإذا زوَّجها
وليها رغماً عنها : فالعقد متوقف عليها في إنفاذه أو إبطاله ، سواء كانت بِكراً أم
ثيباً ، فإن رضيت بهذا التزويج ولم ترفع أمرها للقضاء الشرعي : فالعقد نافذ ؛ لأنه
يدل على رضاها وقبولها ، وإن لم تقبل بالعاقد عليها زوجاً ، ورفعت أمرها للقضاء ،
وأرادت فسخ ذلك العقد : كان لها ما أرادت ، ويُفسخ العقد ، ولا يحل لها ذلك الرجل
زوجاً .
ولا إشكال في صحة زواجك الحالي ، ما دمت قد رضيت به ، وتريدين الحفاظ عليه .
وينظر جواب السؤال رقم (105301)
.
ثالثاً:
الواجب على الزوج أن لا يلتفت إلى ما قالته تلك العمَّة النمامة ، أصلحها الله ،
وكفاك شرها ، وليتأمل فيما يجب عليه تجاه النميمة والنمامين :
قال النووي - نقلا عن أبي حامد الغزالي - رحمهما الله - :
وكل من حُملت إليه نميمة ، وقيل له : فلان يقول فيك ، أو يفعل فيك كذا : فعليه ستة
أمور :
الأول : أن لا يصدِّق ؛ لأن النمَّام فاسق .
الثاني : أن ينهاه عن ذلك ، وينصحه ، ويقبح له فعله .
الثالث : أن يبغضه في الله تعالى ؛ فإنه بغيض عند الله تعالى ، ويجب بغض مَن أبغضه
الله تعالى .
الرابع : أن لا يظن بأخيه الغائب السوء .
الخامس : أن لا يحمله ما حكي له على التجسس ، والبحث عن ذلك .
السادس : أن لا يرضى لنفسه ما نهى النمام عنه ، فلا يحكي نميمته عنه ، فيقول : فلان
حكى كذا ، فيصير به نمَّاماً، ويكون آتياً ما نهى عنه .
" الأذكار " ( 275 ) .
رابعاً:
لزوجك الحق في منعه من دخول بيته ، أو من ذهابك إليه ، إذا كان حاله هو ما ذُكر في
السؤال ، ويكون لزوجك عذره في ذلك ، ونرى أن تغير حال والدك ستتغير معه نظرة زوجك
له ، وموقفه منه .
والذي نراه لك في مسألة صلة والدك وزيارته أن تنظري إلى أمرين : الأمر الأول هو رضا
زوجك بذلك ؛ فاسأليه عن ذلك بكل صراحة ؛ فإن لم يكن راضيا تماما ، فليس لك أن
تزوريه مع عدم رضا زوجك .
والأمر الثاني : أن تنظري فيما سيترتب على هذه الزيارة ؛ فإن كان يغلب على ظنك أن
ذهابك إليه ، سوف يترتب عليه أن يأتي هو إليك ، أو يحاول الاتصال بزوجك ، أو نحو
ذلك مما يغضب زوجك عليك ، فلا تذهبي إليه ـ أيضا ـ وليس عليك في هذا بأس ، إن شاء
الله.
فإن ساعدتك الظروف على زيارة والدك ، فحاولي أن تزوريه بعيدا عن عماتك ، إذا أمكنك
ذلك ، وحاولي أن تقطعي عنهم كل سبيل لزيارتك ، أو الاتصال بزوجك .
نسأل الله أن يفرج كربك ، ويلهمك رشدك ، ويصلح لك زوجك .
والله أعلم
تعليق