الحمد لله.
هذه الأحاديث الواردة في السؤال غير ثابتة الإسناد ، وإليك بيان ذلك بالتفصيل :
الحديث الأول : عن أنس بن مالك رضي الله عنه .
رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (137) قال : حدثني أحمد بن الحسن بن أديبويه ، ثنا أبو يعقوب إسحاق بن خالد بن يزيد البالسي ، ثنا عبد العزيز بن عبد الرحمن البالسي ، عن خصيف ، عن أنس به .
وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب عبد العزيز بن عبد الرحمن ، قال فيه الإمام أحمد : اضرب على أحاديثه ، هي كذب ، أو قال : موضوعة .
وقال ابن حبان : لا يحل الاحتجاج به بحال . " العلل " (5419) ، وانظر : " لسان الميزان " (5267) .
الحديث الثاني : عن عبد الله
بن الزبير .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (14/266) قال : حدثنا سليمان بن الحسن العطار ،
قال : حدثنا أبو كامل الجحدري ، قال : حدثنا الفضيل بن سليمان ، قال : حدثنا محمد
بن أبي يحيى... فذكره .
وهذا إسناد ضعيف لسببين :
1- الانقطاع بين محمد بن أبي يحيى ، وعبد الله بن الزبير ، إذ يغلب على الظن أنه لم
يسمع منه ، فقد توفي محمد بن أبي يحيى سنة (144هـ)، ووفاة عبد الله بن الزبير كانت
سنة (72هـ) .
ولم يذكر الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (5/310) أن محمد بن أبي يحيى له رواية عن عبد
الله بن الزبير أو غيره من الصحابة ، بل ذكر أنه يروي عن التابعين ، وذكر بعضهم .
فهذا يرجح أنه حصل سقط في الإسناد ، وسقط بعض الرواة .
ولهذا قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
" في سنده انقطاع بين محمد بن أبي يحيى الأسلمي وبين عبد الله بن الزبير " انتهى .
" تصحيح الدعاء " (ص/440) .
2- ثم إن الفضيل بن سليمان قد ضعفه كثير من الأئمة ، كابن معين وعبد الرحمن بن مهدي
والنسائي وغيرهم .
وانظر كلامهم في "تهذيب التهذيب" (4/481) .
وقد لخص الحافظ ابن حجر كلام العلماء فيه في كتاب "تقريب التهذيب" (5462) فضعفه
بقوله : "صدوق له خطأ كثير" انتهى .
وأما إخراج البخاري لبعض أحاديث فضيل بن سليمان فليس دليلاً على توثيقه ، فقد كان
الإمام البخاري ينتقي من أحاديثه ما تبعه عليه غيره .
انظر : "منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليليها" لأبي بكر كافي (ص/154).
الحديث الثالث :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده بعد ما سلم وهو
مستقبل القبلة ، فقال : ( اللهم خلص الوليد بن الوليد ، وعياش بن أبي ربيعة ، وسلمة
بن هشام ، وضعفة المسلمين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا من أيدي الكفار
)
رواه ابن أبي حاتم في " التفسير " (3/1048) قال : حدثنا أبي ، ثنا أبو معمر المنقري
، ثنا عبد الوارث ، ثنا علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة به .
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
" مداره على الراوي : علي بن زيد بن جدعان ، فالحديث ضعيف ، ولو صح فهذا حصل لأمر
عارض ، لا أنه من الهدي الراتب ، وفَرْق بين الأمور العارضة ، والهدي الراتب "
انتهى من "تصحيح الدعاء" (ص/443) .
الحديث الرابع :
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (الصَّلَاةُ مَثْنَى
مَثْنَى ، أَنْ تَشَهَّدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ، وَأَنْ تَبَاءَسَ ،
وَتَمَسْكَنَ ، وَتُقْنِعَ بِيَدَيْكَ ، وَتَقُولَ : اللَّهُمَّ اللَّهُمَّ ،
فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهِيَ خِدَاجٌ) رواه أبو داود (1296) . قال الخطابي :
إقناع اليدين : رفعهما في الدعاء . ( خداج ) أي : ناقصة.
والحديث سنده ضعيف ، فيه عبد الله بن نافع . قال فيه علي بن المديني : مجهول .
وكذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب (3682) .
ولهذا ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .
انظر : " ضعيف أبي داود – الأصل " (2/52) .
فتبين بذلك أن جميع الأحاديث
الواردة في السؤال لا تصح ، وعلى فرض صحة بعضها ، فإن ذلك كان لأمر عارض ، ولم يكن
يفعله النبي صلى الله عليه وسلم بعد كل صلاة .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (21976)
.
والله أعلم.
تعليق