الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

حكم عمل مسابقة لختم القرآن ووضع جوائز من أموال المتسابقين

156560

تاريخ النشر : 24-02-2011

المشاهدات : 75837

السؤال

قام مجموعه من النساء في شهر رمضان بعمل ، وهو عبارة عن منافسه في ختم كتاب الله ومن تختم أكبر عدد ممكن ستكون لها جائزة مادية و هي عبارة عن مبلغ مالي.. ولكن الأمر الذي شككت فيه أنه من شروط هذه المسابقة أن تدفع العاملة 300 درهم و لغير العاملة 100 درهم، أي أن التي لا تستطيع الدفع لا يمكنها المشاركة وبالتالي المبلغ النهائي هو الجائزة فالنهاية ! فهل هذا يجوز وهل يرضى الإسلام شرعا بذلك!!!؟

الجواب

الحمد لله.

لا حرج في وضع الجوائز وأخذها في مسابقات حفظ القرآن الكريم ، سواء كانت هذه الجوائز من طرف ثالث ـ غير المتسابقين ـ أو من أحد المتسابقين أو منهم جميعاً ، على الراجح ؛ لأن ذلك ملحق بما نص عليه الشارع من إباحة المسابقة بعوض في السهام والإبل والخيل ، لما في ذلك من نصرة الدين وإعلاء كلمته ، كما روى أبو داود (2574) والترمذي (1700) وابن ماجة (2878) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
والسبَق : هو المكافأة أو الجائزة التي يأخذها السابق .
قال ابن القيم رحمه الله :
" المسابقة على حفظ القرآن والحديث والفقه وغيره من العلوم النافعة والإصابة في المسائل هل تجوز بعِوَض ؟ منعه أصحاب مالك وأحمد والشافعي ، وجوزه أصحاب أبي حنيفة وشيخنا وحكاه ابن عبد البر عن الشافعي ، وهو أولى من الشباك والصراع والسباحة ، فمن جوز المسابقة عليها بعوض فالمسابقة على العلم أولى بالجواز ، وهي صورة مراهنة الصّدّيق لكفار قريش على صحة ما أخبرهم به وثبوته ، وقد تقدم أنه لم يقم دليل شرعي على نسخه ، وأن الصديق أخذ رهنهم بعد تحريم القمار ، وأن الدين قيامه بالحجة والجهاد ، فإذا جازت المراهنة على آلات الجهاد فهي في العلم أولى بالجواز ، وهذا القول هو الراجح " انتهى من "الفروسية" (ص 318) .
وينظر : سؤال رقم : (138652)

وهذا في "حفظ القرآن" أو "حفظ السنة" ، وليس في مجرد القراءة والختم . ففي الحفظ بذل الجهد ، وتكثير الحفاظ ، وإعلاء راية القرآن ، وهو من أعظم العلم النافع الذي يقوم الدين به.

وأما وضع الجوائز على مجرد الختم ، ففيه نظر ، والأظهر عدم مشروعيته ، لما فيه من إظهار الأعمال التي من شأنها أن تخفى ، والمكاثرة بذلك ، وتعلق القلب ـ في عمل العبادة ـ بهذه الجائزة التي يتنافس عليها ، وما يترتب عليه من الإسراع في القراءة لتحصيل الختمة ، فعقد المسابقات على مجرد الختم فيه نظر ، فكيف إذا وضعت عليه الجوائز من أموال المتسابقين .

سئل الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله :
نحن ستة أصدقاء، نجتمع كل 15 يوماً في بيت أحدنا على برنامج يتضمن القرآن والأربعين النووية، ومنهاج المسلم، وموعظة صاحب البيت، ورجال حول الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ والافتتاح بالقرآن والختم بالدعاء، ومن بين برامجنا ورقة نملؤها كل شهر نسميها جدول التنافس، وتتضمن ورداً من القرآن، والصلوات الخمس في المسجد، والصيام وصلة الرحم، وعندما نواظب على ملئها تكون النتائج طيبة، وعند عدم ملئها تكون النتائج سلبية، من تفريط في تلاوة القرآن، فما حكم الشرع في هذا الجدول؟ وجزاكم الله خيراً.
فأجاب :
"الحمد لله، الذي يظهر لي أن اتخاذ هذا الجدول والتنافس على فقراته بدعة، لأنه يتضمن التفاخر والإعجاب بالعمل، ويتضمن كذلك إظهار العمل الذي إخفاؤه أفضل؛ لأن إخفاء العمل من الصدقة وتلاوة القرآن أو الذكر أبعد عن الرياء، قال تعالى:"ادعوا ربكم تضرعاً وخفية" [الأعراف: 55]، وقال:"ذكر رحمت ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفياً" [مريم: 2-3]، وأحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله "رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" انظر: البخاري (660)، ومسلم (1031)، فالذي ينبغي التواصي بالتزود من نوافل الطاعات، والإكثار من ذلك، وكل يعمل ما تيسر له فيما بينه وبين ربه، وبهذا يحصل التعاون على البر والتقوى، وتحصل السلامة مما يفسد العمل، أو ينقص ثوابه، والله الموفق، والهادي إلى سبيل الرشاد، والله أعلم " انتهى من موقع "الإسلام اليوم".
وللشيخ ابن عثيمين رحمه الله فتوى مشابهة ، كما في مجموع فتاواه (16/ 175).

وعلى هذا ينبغي أن يشجع الجميع على ختم القرآن الكريم في رمضان ، دون عمل مسابقة لذلك ، ودون إخبار بما منّ الله على كل واحدة من عدد الختمات .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب