الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

هل هناك أجر معين لمن تتزوج بحافظ القرآن

السؤال

ما هو الجزاء والثواب والفوائد التي وردت في القرآن والسنة عن الزواج من رجل يحفظ القرآن ومهره الذي يقدمه هو القرآن ؟ جزاكم الله خيرا .

الجواب

الحمد لله.

فضيلة الزواج من حافظ القرآن الكريم هي فضيلة الزواج من حامل ميراث النبوة ، فإذا كان هذا الحافظ عاملا بما يحفظ ، فقد اجتمعت فيه خصال الخير كلها ؛ خير الباطن بما يطوي بين جنبيه من كلام الله تعالى ، وخير الظاهر بالعمل الصالح والخلق الفاضل ؛ والله عز وجل يقول : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) فاطر/32، ويقول سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ. لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ) فاطر/29-30.
وكان مُطَرف رحمه الله إذا قرأ هذه الآية يقول : هذه آية القراء . انظر : " تفسير القرآن العظيم " (6/545)
وقد سبق التوسع في بيان فضائل حافظ القرآن في موقعنا ، عند الأرقام الآتية : (14035) ، (20803)

فالزواج بمن هذا فضله وأجره لا شك أنه أرجى له أن يعود على الزوجة بالسعادة ، وعلى الأبناء بالنجابة والصلاح بإذن الله ، وعلى الأسرة كاملة بالرضى والقبول والطمأنينة .

غير أن ذلك كله مشروط بأن يكون حافظ القرآن عاملا بما فيه ، متخلقا بأخلاقه ، متأدبا بآدابه ، متقيا لله عز وجل في جميع شأنه ، وهو الذي ينبغي أن يكون محل بحث ونظر الشاب أو الفتاة عند الإقبال على الزواج ، وليس مجرد الحفظ الذي يفتقر إلى العمل ، أو حفظ الكلمات والحروف الذي لا يؤثر في السلوك والأخلاق ، فمثل هذا يحذر ويجتنب كي لا يغتر به ، كما نبه على ذلك ابن الجوزي في " تلبيس إبليس " (137-140)، في فصلٍ عقده في ذكر تلبيس إبليس على القراء .
وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بحفظهم القرآن الكريم ، فعن سَهْل بْن سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ رضي الله عنه قال :
( إِنِّي لَفِي الْقَوْمِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، إِذْ قَامَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ ، فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ . فَلَمْ يُجِبْهَا شَيْئًا . ثُمَّ قَامَتْ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ ، فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ . فَلَمْ يُجِبْهَا شَيْئًا . ثُمَّ قَامَتِ الثَّالِثَةَ فَقَالَتْ : إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ ، فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ . فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْكِحْنِيهَا . قَالَ هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيءٍ ؟ قَالَ : لاَ . قَالَ : اذْهَبْ فَاطْلُبْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ . فَذَهَبَ فَطَلَبَ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ : مَا وَجَدْتُ شَيْئًا وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ . فَقَالَ : هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيءٌ ؟ قَالَ : مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا . قَالَ : اذْهَبْ فَقَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ )
رواه البخاري (5149) في باب : التزويج على القرآن . ورواه مسلم (1425)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قال القاضي عياض : يحتمل قوله : ( بما معك من القرآن ) وجهين :
أظهرهما : أن يعلمها ما معه من القرآن أو مقدارا معينا منه ويكون ذلك صداقها ، وقد جاء هذا التفسير عن مالك ، ويؤيده قوله في بعض طرقه الصحيحة : ( فعلمها من القرآن )
ويحتمل أن تكون الباء بمعنى اللام ، أي : لأجل ما معك من القرآن ، فأكرمه بأن زوجه المرأة بلا مهر لأجل كونه حافظا للقرآن أو لبعضه .
ونظيره قصة أبي طلحة مع أم سليم ، وذلك فيما أخرجه النسائي وصححه من طريق جعفر بن سليمان ، عن ثابت ، عن أنس قال : ( خطب أبو طلحة مع أم سليم ، فقالت : والله ما مثلك يرد ، ولكنك كافر وأنا مسلمة ولا يحل لي أن أتزوجك ، فإن تُسلم فذاك مهري ، ولا أسألك غيره ، فأسلم ، فكان ذلك مهرها )
وأخرج النسائي من طريق عبد الله بن عبيد الله بن أبي طلحة عن أنس قال : ( تزوج أبو طلحة أم سليم فكان صداق ما بينهما الإسلام ) فذكر القصة وقال في آخره : فكان ذلك صداق ما بينهما . ترجم عليه النسائي : " التزويج على الإسلام " ، ثم ترجم على حديث سهل " التزويج على سورة من القرآن " فكأنه مال إلى ترجيح الاحتمال الثاني " انتهى باختصار من " فتح الباري " (9/212-213).

ومع ما ذكرناه سابقا ، فلا نعلم حديثا أو أثرا خاصا يذكر فضل من تزوج بحامل القرآن : أن له كذا أو كذا من الأجر أو الوعد بالفضل ونحو ذلك .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب