الحمد لله.
أولاً :
لا حرج على المسلم في الأكل من طعام غير المسلمين من الألبان ، والخضروات ، والفواكه ، والبقول ، وغير ذلك من أنواع الأطعمة ، باستثناء ذبائحهم ، وليس في النصوص الشرعية ما يمنع من ذلك .
قال قتادة : " لا بأس بأكل طعام المجوسي ، ما خلا ذبيحته ". انتهى من " مصنف عبد الرزاق" (6/109) .
وقال القرطبي : " ولا بأس بأكل طعام من لا كتاب له ، كالمشركين ، وعبدة الأوثان ، ما لم يكن من ذبائحهم ". انتهى من " الجامع لأحكام القرآن" (6/77)
أما ذبائح غير المسلمين ، فلا يباح منها إلا ذبائح أهل الكتاب : اليهود والنصارى ، لقوله سبحانه وتعالى : (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ) .
قال ابن عباس : " طَعَامُهُمْ : ذَبَائِحُهُمْ ". ذكره البخاري تعليقاً .
وينظر جواب السؤال (88206).
ثانياً :
الأكل مع الكافر ما لم يكن حربياً لا بأس به ، بل قد يكون ذلك من البر الذي أذن الله به في قوله سبحانه وتعالى : ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ).
وسئل علماء اللجنة الدائمة : هل يمكن أن يأكل مسلم مع كافر ؟
فكان الجواب : " إذا كان الطعام حلالا جاز الأكل معه ، ولا سيما إذا دعت الحاجة إلى ذلك ؛ لكونه ضيفاً ، ولقصد دعوته إلى الإسلام ، ونحو ذلك ، مع بقاء بغضه في الله حتى يُسلم ". انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (22/413).
ثالثاً :
لا يجوز للمسلم أن يجلس في مجلس تقام فيه شعائر الكفر وطقوسه ، فقد وصف الله المؤمنين بأنهم يتجنبون حضور مجالس المنكر ، فقال تعالى مبيناً صفات عباد الرحمن : ( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) .
" والزور يشمل جميع أنواع المنكر" . انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (15/317) .
فالجلوس معهم في حال آداء طقوسهم فيه مشاهدة وسماع للكفر والزور ، وهذا منكر لا يجوز الإقدام عليه ، لأن الجالس في مكانٍ يُفعل فيه المنكر مشارك للفاعل في الإثم إن استطاع تغيير المنكر ولم يفعل ، أو استطاع مفارقة المجلس ولم يفعل .
رابعاً :
قول السائل : ( ألا يُعتبرون بشراً تجب مراعاة مشاعرهم ، واحترام آرائهم ) ، جوابه : نعم هم بشر ، لكن ليس من الاحترام وحسن المعاملة أن يسكت المسلم على المنكر ويقره ، بل يلزمه الإنكار أو مفارقة مكان المنكر ، ثم الآراء التي تُحترم ، هي الآراء التي لها نصيبٌ وحظ من النظر والاجتهاد .
أما العقائد الباطلة والديانات المحرفة ، والأقوال المنكرة ، والأفعال المستقبحة ، فلا قيمة لها في ميزان الشريعة ، ولا يقر أصحابها عليها.
فهل نحترم رأي من يتطاول على ذات الله جل جلاله ، ويصفه بأقبح الأوصاف !! .
أم نحترم رأي من يطعن في القرآن ويشكك في مصداقيته وإعجازه ، أم نحترم رأي من يزعم أن لله زوجة وولداً .
أم نحترم رأي الهندوس القائلين بوجود أكثر من إله لهذا الكون ، ويقدسون البقر ، ويقيمون لها التماثيل في المعابد والمنازل والميادين ، ونراعي مشاعرهم فلا نسيء للبقر ، ولا نُقدم على ذبحها وأكلها !!
أم نحترم رأي الداعين إلى عبادة الشيطان وتعظيمه ، ونراعي مشاعرهم فلا نشتم الشيطان ولا نذكره بسوء !! .
إن الرأي الذي يحترم هو الرأي الذي لا يصادم كتاب الله ، وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. وإن المؤمن يغار على ربه ونبيه وكتابه ، ويغضب حين تنتهك حرمات الله ، ولا تقر عينه أن ترى الشرك في مكان يجلس فيه .
وينظر جواب السؤال (137130) .
ومع هذا فالمسلم يتعامل مع هؤلاء بالعدل والإحسان ، وينظر إليهم بعين الشفقة والرحمة ، والرغبة في هدايتهم لطريق الحق والنجاة .
وينظر جواب السؤال (131777) ، (128862).
والله أعلم .
تعليق