الحمد لله.
يشترط في وقوع الطلاق أن يكون الزوج عاقلاً مختاراً ، فإن كان غير عاقل ، أو كان مكرهاً فلا يقع طلاقه .
وقال الرحيباني رحمه الله : " أجمع المسلمون على أن من زال عقله بغير سكر محرم كالنوم والإغماء والجنون وشرب الدواء المزيل للعقل والمرض; لا يقع طلاقه..." انتهى من "مطالب أولي النهى" (5/322)
وعن عائشة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَا طَلَاقَ فِي
إِغْلَاقٍ) رواه أحمد (25156) وابن ماجة (2036) وحسنه الشيخ
الألباني رحمه الله في صحيح ابن ماجة (1/348)
قال ابن القيم رحمه الله : " قال شيخنا ابن
تيمية : والإغلاق انسداد باب العلم والقصد عليه ، يدخل فيه طلاق
المعتوه والمجنون والسكران والمكره والغضبان الذي لا يعقل ما
يقول ؛ لأن كلاً من هؤلاء قد أغلق عليه باب العلم والقصد ،
والطلاق إنما يقع من قاصدٍ له ، عالم به" انتهى من "حاشية
السنن" (6/187) .
وبناء على هذا ؛ فإذا كان هذا الزوج المسحور قد أثر السحر على
عقله بحيث صار كالمجنون فلا يقع طلاقه ، وكذلك إذا لم يصل السحر
إلى هذا الحد ، ولكنه أثر على اختياره وإرادته فلا يقع طلاقه ،
لأنه يشبه طلاق المكرَه .
أما إذا كان السحر لم يؤثر على عقله ولا على اختياره وإرادته
فطلاقه واقع .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله : هل يقع طلاق المسحور أم لا
؟
فأجاب : "إذا غلب السحر على العقل وألحق المسحور بالمجانين لم
يقع طلاقه ؛ لأن الطلاق يشترط له العزم لقوله تعالى: (وَإِنْ
عَزَمُوا الطَّلَاقَ) وفاقد العقل ليس له عزم ولا نية .
فأما إن كان الطلاق مع الفهم والعلم بآثار الطلاق وما يسببه من
الفرقة ، فإنه يقع .
لكن إن عمل السحر في صرفه عن زوجته وإيقاع الكراهة بينهما ولم
يجد الراحة إلا في الطلاق ، على حد قوله تعالى:
(فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ
الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) ؛ فالظاهر أنه لا يقع ، لأنه مغلوب على
أمره . والله أعلم" انتهى .
والله أعلم
تعليق