الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل من الذكر الشرعي قراءة سبحان ربك رب العزة عما يصفون دبر الصلاة أو في كفارة المجلس

163591

تاريخ النشر : 04-05-2011

المشاهدات : 79752

السؤال

تصلني من بعض الناس رسائل فيها بعض الأذكار ، فأريد التأكد من صحتها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال دبر كل صلاة : سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين - ثلاث مرات : فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر ) . كذلك الدعاء الذي يستغفر له سبعون ألف ملك إلى يوم القيامة : ( الحمد لله الذي تواضع كل شيء لعظمته ، الحمد لله الذي استسلم كل شيء لعزته ، الحمد لله الذي ذل كل شيء لعزته ، الحمد لله الذي خضع كل شيء لملكه ) من قال الدعاء مرة واحدة تكتب له ألف حسنة ، ويرفعه الله ألف درجة ، ويوكل به سبعون ألف ملك يستغفرون له إلى يوم القيامة . وجزاكم الله خير الجزاء .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
تخريج الأحاديث الواردة في هذا الباب على الوجه الآتي :
الحديث الأول : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
( سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ فِي آخِرِ صَلَوَاتِهِ ، أَوْ حِينَ يَنْصَرِفُ : ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ ) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ )
رواه أبو داود الطيالسي في " المسند " (3/651)، وابن أبي شيبة في " المصنف " (1/269)، وعبد بن حميد – كما في " المنتخب من المسند " (ص/297) -، والحارث بن أبي أسامة – كما في " بغية الباحث " (1/297) -، وأبو يعلى في " المسند " (2/363)، والطبراني في " الدعاء " (ص/207)، وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (ص/107)، والبيهقي في " الدعوات الكبير " (1/197)، والواحدي في " التفسير الوسيط " (3/536)، والخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " (15/175)، وغيرهم .
جميعهم من طريق أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري .
وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب أبي هارون العبدي ، واسمه عمارة بن جوين ، قال البخارى : تركه يحيى القطان . وقال أحمد : ليس بشيء . قال ابن معين : كان عندهم لا يصدق في حديثه . وقال النسائى : متروك الحديث . وقال شعبة : لأن أقدم فيضرب عنقي أحب إليَّ من أن أقول : حدثنا أبو هارون . وقال الحاكم أبو أحمد : متروك الحديث . انظر : " تهذيب التهذيب " (7/413)
لذلك قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" هذا إسناد ضعيف جداً " انتهى من " السلسلة الضعيفة " (رقم/4201)

الحديث الثاني : حديث زيد بن أرقم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ : سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، فَقَدِ اكْتَالَ بِالْجَرِيبِ الأَوْفَى مِنَ الأَجْرِ )
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (5/211)، وعنه أبو نعيم في " معرفة الصحابة " (3/1175)
قال الطبراني : حدثنا أحمد بن رشدين المصري ، ثنا عبد المنعم بن بشير الأنصاري ، ثنا عبد الله بن محمد الأنسي مِن ولد أنس ، عن عبد الله بن زيد بن أرقم ، عن أبيه .
وهذا حديث موضوع ، بسبب عبد المنعم بن بشير ، وصفه النقاد بالكذب .
لذلك قال الهيثمي رحمه الله :
" فيه عبد المنعم بن بشير ، وهو ضعيف جدا " انتهى من " مجمع الزوائد " (10/103)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" موضوع ، آفته عبد المنعم هذا ، قال أحمد وغيره : كذاب . وقال الحاكم : يروي عن مالك وعبد الله بن عمر الموضوعات .
واللذان فوقه لم أعرفهما ، ولعلهما شخصان وهميان اختلقهما الأنصاري " انتهى من " السلسلة الضعيفة " (رقم/6529)

الحديث الثالث : عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من سرّه أن يكال له بالقفيز الأوفى فليقل : ( سبحان اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ... إلى قوله: وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ )، ( سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ... إلى قوله: وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ )
أخرجه الثعلبي في " الكشف والبيان " (7/298)، من طريق بشر بن الحسين ، عن الزبير بن عدي ، عن أنس بن مالك .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" وآفته بِشْرٌ هذا ، فإنه كذاب ، روى عن الزبير بن عدي موضوعات ، رماه بذلك أبو حاتم وغيره " انتهى من " السلسلة الضعيفة " (رقم/6530)

الحديث الرابع : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
( كُنَّا نَعْرِفُ انْصِرَافَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ , وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (11/115) من طريق محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس .
قلنا : وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير ، ضعفه يحيى بن معين ، وقال البخاري : منكر الحديث . وقال النسائي : متروك . كما في " لسان الميزان " (5/216)
لذلك قال الهيثمي رحمه الله :
" فيه محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، وهو متروك " انتهى من " مجمع الزوائد " (10/103)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" واهٍ لا يُفرح به ....ومما يؤكد نكارته أن المحفوظ عن ابن عباس قوله : ( كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير ) أخرجه الشيخان " انتهى من " السلسلة الضعيفة " (رقم/4201)

الحديث الخامس : من مرسل الشعبي رحمه الله ، حيث يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى مِنَ الْأَجْرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَلْيَقُلْ آخِرَ مَجْلِسِهِ حِينَ يُرِيدُ أَنْ يَقُومَ : سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
رواه ابن أبي حاتم في " التفسير " (10/3234) قال : حدثنا عمار بن خالد الواسطي ، حدثنا شبابة ، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن الشعبي ، فذكره .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" إسناده ضعيف ؛ لإرساله ، وعنعنة أبي إسحاق - وهو السبيعي -، واختلاطه ، ويونس - هو: ابنه -، مختلف فيه ، وهو صدوق يهم قليلاً - كما قال الحافظ -، لكن لم يذكروه فيمن سمع من أبيه قبل الاختلاط ، ولعله لذلك كان أحمد يضعف حديثه عن أبيه .
وعلى هذا فقول الحافظ في " نتائج الأفكار " : أخرجه ابن أبي حاتم في " التفسير " من مرسل الشعبي بسند صحيح إليه ، فيه تساهلٌ ظاهر " انتهى من " السلسلة الضعيفة " (رقم/6530)

ثانيا :
وقد ورد قريب من هذا المعنى في الآثار الموقوفة ، ومن ذلك :
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال :
( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى فَلْيَقُلْ عِنْدَ فُرُوغِهِ مِنْ صَلَاتِهِ : ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
رواه عبد الرزاق في " المصنف " (2/236)، وأبو نعيم في " حلية الأولياء " (7/123)، والثعلبي في " الكشف والبيان " (8/174) وغيرهم .
من طريق سفيان بن عيينة ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : قال علي فذكره .
وهذا إسناد واهٍ بسبب أصبغ بن نباتة ، قال النسائي وابن حبان : متروك . وقال ابن معين : ليس بثقة . وقال أبو حاتم : لين الحديث . انظر : " ميزان الاعتدال " (1/271)
ولذلك ضعفه الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " (رقم/6530)

والخلاصة :
أن الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وطرقه وأسانيده لا يقوي بعضها بعضا لأنها شديدة الضعف ، ورواتها فيهم الكذاب والمتهم ومنكر الحديث ، فمثلها لا يتقوى .

ثالثا :
وأما الحديث الآخر الوارد في السؤال : ( الحمد لله الذي تواضع كل شيء لعظمته ) فقد سبق الجواب عليه في مجموعة من الفتاوى ، يمكن الاطلاع عليها في الأرقام الآتية : (98821)، (112704)، (119320) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب