الحمد لله.
أولا :
للزوجة حقوق على زوجها من العشرة الحسنة ، والنفقة ، والمسكن ، وتحصيل العفة وتلبية الرغبة العاطفية ، وكل هذه الحقوق دل عليها القرآن والسنة .
وكذلك للزوج حقوق على زوجته من العشرة الحسنة ، والطاعة في المعروف ، وتمكينه من الاستمتاع بها ، وخدمته ، وعدم الخروج من البيت إلا بإذنه ، وقد سبق بيان هذه الحقوق في جواب السؤال رقم : ( 10680 ).
وعلاج المشاكل الزوجية يبدأ من معرفة كل طرف ما له وما عليه من الحقوق والواجبات ، ثم الطرفان مدعوّان بعد ذلك إلى بذل الإحسان والمعروف ، كما قال تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 ، وقال ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228 .
فإذا قصر الزوج في واجباته ، أو قصرت الزوجة في واجباتها ، حصل الخلل ، وساءت العلاقة بينهما .
وما ذكرت من بعد زوجك عنك وعن أولادك ، وعدم إعطائك حقك في المعاشرة ، لاشك أنه خطأ ظاهر ؛ لمنافاته للعشرة الحسنة التي أمر الله بها ، ولما فيها من تضييع حق الزوجة في الجماع وتحصيل العفة .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 30 / 127 ) : " من حقّ الزّوجة على زوجها أن يقوم بإعفافها ، وذلك بأن يطأها ، وقد ذهب جمهور الفقهاء - الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة - إلى أنّه يجب على الزّوج أن يطأ زوجته " انتهى .
وقد اختلف العلماء في الحد الذي يجب فيه على الزوج جماع زوجته ، وأصح الأقوال أن ذلك يتبع حاجتها وقدرته .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : عن الرجل إذا صبر على زوجته الشهر والشهرين لا يطؤها ، فهل عليه إثم أم لا ؟ وهل يطالب الزوج بذلك ؟ .
فأجاب : "يجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف ، وهو من أوكد حقها عليه ، أعظم من إطعامها ، والوطء الواجب قيل : إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة ، وقيل : بقدر حاجتها وقدرته ، كما يطعمها بقدر حاجتها وقدرته ، وهذا أصح القولين"انتهى من "مجموع الفتاوى" (32/271) .
وهجر الزوجة محرم إلا أن تكون ناشزا عن طاعته .
وينظر جواب السؤال رقم : ( 5971 ) .
ثانيا :
ينبغي أن تحل المشاكل الزوجية في جو من التفاهم والمصارحة والود والمحبة ، فيستمع كل من الزوجين للآخر ، لمعرفة المشاكل وأسبابها وطرق علاجها ، ومعرفة المقصر منهما في واجباته ، وبذلك تستقيم الحياة ، وينشأ الأبناء نشأة صحيحة في بيئة صالحة .
وقد يكون ما صدر منك من بعض التصرفات هو السبب في هذه المشكلة ، لكن هذا لا يعني استمرار الزوج في الهجر والتقصير فيما يجب عليه .
ونصيحتنا لك أن تسعي للمصارحة والتفاهم مع زوجك والاعتذار عما صدر منك من خطأ ، فإن أبى الزوج الجلوس والاستماع ، فاستعيني بالصالح من أهله أو أهلك أو من تعرفان من المسلمين ، كما قال تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ) النساء/35 .
فيستمع المصلح لكما ، ويقف على جوانب التقصير منكما ، ويوجهكما إلى ما فيه النفع والخير لكما .
ثالثا :
إذا استمر الزوج في هجر زوجته بلا مبرر للهجر ، وأبى أن يعطيها حقها في الاستمتاع ، جاز لها طلب الطلاق ؛ لدفع الضرر عن نفسها والتمكن من الزواج من رجل يعطيها حقها ويقوم على رعايتها .
ولكن ... لا ينبغي للمرأة أن تتعجل في طلب الطلاق ، بل الأفضل لها أن تصبر ، وأن تحاول مع زوجها ، لعل الله تعالى أن يصلح ما بينهما ، فتستقيم الأسرة ، ويجتمع شملها .
نسأل الله تعالى أن يؤلف بينكما ، وأن يجمعكما على الخير والبر والتقى .
والله أعلم .
تعليق