السبت 27 جمادى الآخرة 1446 - 28 ديسمبر 2024
العربية

في ذمتها ديْن لكافر ولم تجد له أثراً فكيف تتصرف لتبرأ ذمتُها ؟

170462

تاريخ النشر : 06-07-2011

المشاهدات : 19119

السؤال

قبل أن أعتنق الإسلام كنت قد اقترضت مبلغاً قدره 800 يورو من أحد الأًصدقاء ، وأعطاني حينها رقم حسابه من أجل أن أرد له المبلغ حالما تتيسر أموري إلى ذلك الحساب . وبالفعل توفر لدي المبلغ وأردت أن أحول له ذلك المبلغ على الحساب الذي أعطاني ، ولكن لم تتم العملية لأن الحساب لم يعد موجوداً ، حاولت عدة مرات ولكن دون جدوى ، قمت بمحاولة الاتصال عليه هاتفيّاً ولكن لم أتحصل على أي رد ، أرسلت رسائل إليكترونية فكانت ترجع إليَّ رسالة تقول إن ذلك المشترك ليس موجوداً في الخدمة ، أرسلت رسائل جوال ، حاولت أن أستخرج هاتف منزله من دليل الهاتف فلم أجده ، كخيار أخير حاولت التواصل مع والده في شركته ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل . الآن ما الذي يجب عليَّ فعله أكثر من هذا ؟! ماذا لو لم أجده ؟ وماذا لو لم يعد حيّاً ؟ هل سأدخل النار لعدم سدادي ديْنه ؟ وهل أستطيع في مثل هذه الحالة الاحتفاظ بذلك المبلغ ؟ لأنني في الحقيقة فقدت عملي في شهر أكتوبر العام الماضي لعدم إذعاني للضغوط التي أصرت على خلع حجابي ، وانتهى بهم الأمر أن طردوني من العمل واتهموني بالتطرف ، وأنا امرأة وحيدة ، ومبلغ ثمانمائة يورو يعني الكثير بالنسبة لي ، وسيساعدني في تصريف بعض احتياجاتي لبعض الوقت ، أم إن الأفضل أن أتصدق بها لإحدى المنظمات الإسلامية ؟ . أرجو النصيحة ، وجزاكم الله خيراً .

الجواب

الحمد لله.


نسأل الله تعالى أن يتقبل منك عملك الصالح ، ونشكر لك أمانتك وحرصك على أداء الحقوق إلى أهلها ، وهذا – لا شك – من عظيم أخلاق المسلمين الذين أمرهم الله تعالى بأداء الأمانات إلى أهلها .
وأما بخصوص ما سألتِ عنه من القرض الذي في ذمتك لذلك الشخص الغائب : فالذي يلزمك فعله أمور :
1. الجد والاجتهاد في البحث عنه لإبراء ذمتك بسداد ديْنه .
2. إن تبيَّن أنه ليس على قيد الحياة : فتبحثين عن ورثته لدفع المال إليهم .
3. إن بذلتِ وسعك ولم تعلمي له أثراً ، كما ذكرت أنت في سؤالك : فيلزمك التصدق بالمال عنه ، فإن كان على قيد الحياة فقد يستفيد من تلك الصدقة رزقاً في الدنيا أو دفع مكروه ، وأما بعد موته فلا يستفيد منها شيئاً .
وينظر – للتوسع – جواب السؤال رقم ( 132608 ) .
4. وإذا كنتِ محتاجة بسبب فقر أو ديون فلا نأمرك بالصدقة على الناس ونحرمك منها ، بل لك أن تأخذي منها قدر حاجتك ، وتتصدقين بالباقي ، إن بقي منه شيء زائد عن حاجتك ، وإذا كان هذا هو الراجح في حكم التصرف بمن في يديه مال محرَّم – كما ذكرناه عن الغزالي وابن تيمية وابن القيم - فأولى أن يكون كذلك في المال الحلال .
وانظري أجوبة الأسئلة ( 82595 ) و ( 78289 ) و ( 81915 ) .
5. إن ظهر صاحب المال أو ورثته يوماً من الدهر : فتخيرينهم بين إمضاء التبرع به أو دفعه لهم ، فإن اختاروا الأول فقد يستفيدون منه في دنياهم ، وإن اختاروا الثاني فيلزمك دفع المال لهم ويكون أجر الصدقة لكِ .
وهذه طائفة من فتاوى أهل العلم تنص على ما ذكرناه آنفاً .
1. سئل علماء اللجنة الدائمة :
رجل تعامل مع أحد النصارى وبقي للنصراني بعد المعاملة بعض الدنانير عند الرجل ، واختفى هذا النصراني وبقيت الدنانير عند الرجل ، والمشكلة أنه لا يعرف أين يسكن هذا النصراني ولا أين هو ، فأفيدونا - حفظكم الله - ما يفعل الرجل بهذه الدنانير ؟ .
فأجابوا :
الواجب في مثل هذه الحال البحث عن صاحب الحق حتى يؤدي إليه حقه ، وبما أنك لا تعرف مكان عمله ولا إقامته : فإنك تتصدق بهذه الدنانير بالنية عن صاحبها ، فإن جاء إليك يوما يطلب حقه فأخبره بما عملت ، فإن أقره وإلا فادفع إليه حقه ويكون ثواب ما تصدقت به لك .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 14 / 70 ، 71 ) .
2. وقالوا :
من كان عنده مال لأحد وهو لا يعرفه ، ولا يستطيع إيصاله إليه أو ورثته بأي وسيلة : فإنه يتصدق به على نية أن الأجر لصاحبه ، فإن جاء أو من ينوب عن ورثته وطلبه : دفعه إليه ، ويكون أجر الصدقة للمتصدق .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 14 / 69 ) .
3. وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
الواجب على هذا الذي في ذمته ديون للناس : أن يبحث عنهم حتى لو انتقلوا إلى مكان آخر ، فالواجب : أن يبحث عنهم في المكان الذي انتقلوا إليه ، وليبحث عن ورثته إن كانوا قد ماتوا ؛ لأن هذا حق آدمي معيَّن ، فيجب عليه إيصاله إليه مهما كانت الكلفة والمشقة ، فإن أيس من العلم بهم ولم يَرْجُ العثور عليهم : فإنه في هذه الحال يتصدق به عنهم ، أو يجعله في مسجد من المساجد في عمارة المسجد أو شراء برادة له أو ما أشبه ذلك ، وينوي به أنه عمن يستحق هذا المال ، والرب عز وجل يعلم ذلك فيوصله إلى صاحبه وتبرأ منه ذمة المطلوب .
فخلاصة الجواب : أنه إذا كان يمكنه ولو مع مشقة أن يوصله إلى أهله : وجب عليه ، وإن لم يمكن وتعذر ولا يرجو أن يجده في المستقبل : فإنه يتصدق به عنه .
" فتاوى نور على الدرب " ( شريط 134 ) .
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_5714.shtml

ونوصيك بالصبر على ما لقيتِ بسبب حجابك ، واعلمي أن الدنيا كلها لا تسوى عند الله جناح بعوضة ، وهي لا تستحق أن يشتريها المسلم العاقل على حساب آخرته ، وداومي على الدعاء أن ييسر الله أمرك ويفرج كربك ، ومع التقوى والدعاء أن ييسر الله أمرك ، فرجاؤنا في الله أن يكون لك فَرَج قريب .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب