الحمد لله.
يلزم الزوجة طاعة زوجها والانتقال معه حيث انتقل ، ما لم تكن قد اشترطت عند زواجها ألا يخرجها من بلدها أو ألا تسافر إلى بلد معين .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وإذا تزوجها وشرط لها أن لا يخرجها من دارها وبلدها فلها شرطها ؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( أحق ما أوفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج ) وإن تزوجها وشرط لها أن لا يتزوج عليها فلها فراقه إذا تزوج عليها.
وجملة ذلك أن الشروط في النكاح تنقسم أقساما ثلاثة : أحدها ما يلزم الوفاء به , وهو ما يعود إليها نفعه وفائدته , مثل أن يشترط لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يسافر بها , أو لا يتزوج عليها , ولا يتسرى عليها , فهذا يلزمه الوفاء لها به , فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح . يروى هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسعد بن أبي وقاص , ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم وبه قال شريح , وعمر بن عبد العزيز , وجابر بن زيد , وطاوس , والأوزاعي , وإسحاق . وأبطل هذه الشروط الزهري , وقتادة وهشام بن عروة ومالك , والليث , والثوري , والشافعي , وابن المنذر , وأصحاب الرأي " انتهى من "المغني" (9/ 483).
وعليه : فإن كانت قد شرطت عليك ألا تخرج من بلدها ، أو تزوجتك على أن تقيم معها في بلدها ، لم يلزمها الانتقال معك .
وما ذكرته من العيش في بلاد الإسلام والسنة أمر معتبر ، والمحافظة على الزوجة والولد أمر معتبر كذلك ، وإذا لم يمكن الجمع بينهما فاجتهد في تحصين بنفسك بالعلم النافع والعمل الصالح ، وتعرف على أهل الإسلام في هذه البلد ، وانشغل بدعوتهم إلى الله تعالى ، فلعل الله أن يفتح على يديك ، وينشر بك السنة والخير ، فتكون نعم الوافد عليهم . وابحث عن البرامج النافعة لتربية ولدك ومنها الاستعانة بمن يقوم على تعليمه وتحفيظه كتاب الله تعالى ، وإلحاقه بالمدارس الإسلامية والعربية إن وجدت .
وإذا أمكنك أن تقطع فترة الإقامة الطويلة ، التي قد تصيبك بالملل والضجر ، بحج أو عمرة ، فتحصل أجر هذه العبادة ، وتربح فائدة السياحة ، وقطع الملل والرتابة : فهو أمر حسن . ومن يدري ، لعل الزوجة إذا رأت ذلك في رحلتها أن تشتاق هي الأخرى للمقام في تلك البلاد، وبإمكانك أن تعوضها ـ إذا هي وافقتك في الانتقال ـ بأمر مادي ، يمكنها به ألا تقطع معونتها لأهلها .
نسأل الله تعالى أن يشرح صدرك وييسر أمرك .
والله أعلم .
تعليق