الحمد لله.
أولا :
النصيحة النبوية لكل مقبل على الزواج أن يختار ذات الدين التي تكون عونا له على أمر دنياه وآخرته ، قال النبي صلى الله عليه وسلم مرغبا في نكاح ذات الدين : ( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ) .
رواه البخاري ( 5090 ) ومسلم ( 1466 ) .
وقد سبق بيان صفة ذات الدين التي حث النبي صلى الله عليه وسلم على الزواج منها في السؤال رقم (96584) .
ثانيا :
لا نرى تعارضا بين ما تريده ، وما يريده منك والداك ، فالوالدان يشترطان عليك أمرا له وجاهته واعتباره في كثير من الأحوال والبيئات ، فالذي نراه لك أن تلبي رغبتهما ، وتبحث عن زوجة صالحة من خارج نطاق الأسرة ، لكن في نفس الوقت تبحث عن ذات الدين أيضا ، خارج نطاق الأسرة ؛ فبذلك تحقق المصلحتين ، وتجمع بين الرغبتين ، وهذا سوف يريحك ، ويعفيك من مواجهة الأسرة بما لا تريده ، وبإمكانك أن تقنع والديك بصواب ذلك ، وقبول اختيارك ، وسوف يكون هذا سهلا إن شاء الله ، متى حققت لهما ما طلباه منك .
ثالثا :
إذا تيسر لك الجلوس مع المخطوبة ، أو من تريد خطبتها بحضرة محرمها ، دون خلوة بها ،
ومع التزامها بالحجاب الشرعي ، فلا بأس حينئذ من المفاهمة بينكما بقدر الحاجة ،
وبما ليس فيه فتنة ، أو إثارة للشهوة ، فتبين لها ما ترغب توفره من مواصفات فيها في
المستقبل ، وتبين لك ما ترغب هي فيه .
على أننا لا نرى لك أن تبالغ في أمر هذه الأسئلة ، أو أن تعول عليها كثيرا ، بل
الذي ينبغي عليك أن تسأل عن الفتاة ، لا أن تسألها ؛ فقبل أن تدخل البيت : عليك أن
تتحرى عن البيت وأهله ، والفتاة وحالها ، ولا بأس أن تستعين بنسائك أخواتك ،
وقريباتك ، للمساعدة في ذلك ؛ فمتى ما تبين لك من حالها ، ما يدعوك إلى نكاحها :
فامض لذلك .
وأما الأسئلة التي تقولها : فإن دلالتها لا تكون قوية دائما .
وأما حالتك المادية
والاجتماعية : فالواجب عليك أن تكون صادقا فيها ، لأنه يترتب عليها أشياء كثيرة في
حياتك الزوجية بعد ذلك ، واستحقاقات للزوجة عليك ؛ وليس من المقبول أن تدخل بيتا ،
وترى نساءه ، ثم إذا وقع القبول قلت لهم : لا أملك مهرا !!
رابعا :
لا يجوز لك مصارحة من تريد الزواج منها بسابق معاصيك ، ومادام الله عز وجل قد ستر
عليك ، فاستر على نفسك ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اجتنبوا هذه
القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها ، فمن ألمّ فليستتر بستر الله عز وجل ) رواه
البيهقي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (663) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ
مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ
وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ : يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ
كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ
اللَّهِ عَنْهُ ).
رواه البخاري ( 5721) ومسلم ( 2990 ) .
خامسا :
المؤمن مأمور بالخوف من الله عز وجل وخشيته في السر والعلن ، وهذا الخوف المطلوب
شرعا ، هو الخوف الذي يدفع صاحبه إلى الاستزادة من الخيرات والأعمال الصالحة ،
والبعد عن معصيته سبحانه ، وأما إن كان هذا الخوف دافعاً لليأس والفتور والقنوط
وترك العمل : فإنه من الوساوس الشيطانية التي يريد الشيطان أن يصرف بها قلوب
الصالحين عن الطريق المستقيم ، فيحزنهم بذلك ؛ قال تعالى : ( إِنَّمَا النَّجْوَى
مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا
إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) سورة
المجادلة/10 .
فاستعن بالله وتوكل عليه ، وراغم الشيطان بطاعة الله عز وجل ، وأذله بتقوية صلتك
بربك ، واستعن بالله ولا تعجز .
والله أعلم .
تعليق