الحمد لله.
أولا : الأصل في الملابس أنها جائزة إلا ما ورد الشرع باستثنائه ، لدخول ذلك في عموم قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ( البقرة/29. و قال تعالى : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) الأعرف/32 ، ولأن الأصل في الأشياء الإباحة .
ثانيا : يشترط في لباس الرجل أن يكون ساترا لعورته وهي ما بين السرة والركبة ، وأن لا يكون شفافا يبدو منه لون العورة ، أو ضيقا بحيث يصف ويحدد أعضاء الجسم والعورة ، وأن لا يكون فيه تشبه بالكفار ، أو تشبه بالنساء ، أو بأهل الفسق والمجون ، فمتى ما فقد شرطاً من هذه الشروط لم يجز للرجل لبسه .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (3/430) : " الأصل في أنواع اللباس الإباحة ؛ لأنه من أمور العادات ، قال تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) ، ويستثنى من ذلك : ما دل الدليل الشرعي على تحريمه أو كراهته كالحرير للرجال ، والذي يصف العورة لكونه شفافاً يُرى من ورائه لون الجلد ، أو ككونه ضيقا يحدد العورة ؛ لأنه حينئذ في حكم كشفها ، وكشفها لا يجوز" انتهى .
وفي "فتاوى اللجنة الدائمة" (24/40) : "الأصل في الملابس أنها جائزة ، إلا ما استثناه الشرع مطلقاً ؛ كالذهب للرجال وكالحرير لهم ، إلا لجرب أو نحوه ، ولبس البنطلون ليس خاصاً بالكفار ، لكن لبس الضيق منه الذي يحدد أعضاء الجسم حتى العورة لا يجوز ، أما الواسع فيجوز ، إلا إذا قصد بلبسه التشبه بمن يلبسه من الكفار ، وكذا لبس البدلة ورباط العنق (الكرفتة) ليس من اللباس الخاص بالكفار ، فيجوز ، إلا إذا قصد لابسه التشبه بهم . وبالجملة ؛ فالأصل في اللباس الجواز إلا ما دل الدليل الشرعي على منعه كما تقدم.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" . انتهى .
ثالثا : بناء على ما تقدم إذا كانت البناطيل التي تبيعها واسعة ليس فيها شيء من المحاذير السابقة فلا بأس في بيعها ، أما إن كانت شفافة أو ضيقة بحيث تصف العورة ، أو فيها تشبه بالكفار بحيث تكون من ملابسهم الخاصة ، أو من ملابس أهل الفسق والمجون فلا يجوز لك بيعها ، لما في ذلك من إعانة على المنكر ونشر له ، قال تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة /2 ، ولأن في ذلك غشا ومجانبة للنصح الواجب عليك تجاه إخوانك المسلمين قال الله تعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) التوبة/ 71 ، وعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الدِّينُ النَّصِيحَةُ ، قُلْنَا : لِمَنْ ؟ قَالَ : لِلَّهِ ، وَلِكِتَابِهِ ، وَلِرَسُولِهِ ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَعَامَّتِهِمْ رواه مسلم (55) .
والمسلم وقاف عند حدود الله عز وجل ، متق له ، مطيب لمطعمه ومشربه ، ناصح لإخوانه المسلمين ، ومتى ما ترك الإنسان شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرزُقه مِن حَيثُ لا يَحتسِب ) الطلاق / 2.
والله أعلم .
تعليق