الحمد لله.
إذا تم البيع ، وقبض المشتري الأرض بتخليتها له ، جاز له بيعها بنفس الثمن أو أكثر أو أقل ؛ لأنها صارت ملكا له يتصرف فيها كما يشاء بالهبة أو البيع أو التأجير أو غير ذلك ، ولا يضر كونها لم تسجل باسمه لأن التسجيل إنما هو للتوثيق فقط . ولا يضر أيضا كونه لم يسدد بقية الثمن لكم ؛ لأنه بالبيع صار مالكا شرعا ، ويطالب بسداد ما عليه ، إلا إن كنتم اشترطتم عليه ألا يبيع حتى يسدد بقية الثمن ، أو كان عدم التسجيل يعني ألا يتمكن من البيع حتى يسدد ، فهذا شرط جائز ، وهو يعني رهن الأرض حتى سداد ثمنها ، ويلزمه الوفاء بالشرط ، ولا يصح بيعه لطرف ثالث قبل ذلك .
وأما إذا لم تشترطوا عليه عدم البيع ، فلا وجه لمنعه ؛ لأنه يتصرف في ملكه .
وليس لكم السعي في فسخ البيع وإلغائه ، حسدا له على ما سيربحه في بيعها ، إلا أن تكونوا خُدعتم في الثمن الذي بعتم به ، فلكم خيار بين فسخ العقد أو إمضائه .
ويسمى هذا عند الفقهاء "خيار الغَبْن" .
وخيار الغبن له صور عند الفقهاء ، منها : بيع المسترسل وهو من لا يعرف قيمة الأشياء ولا يحسن المماكسة ، فقد يبيع أو يشتري شيئا بأكثر أو أقل من قيمته بفارق معتبر عند أهل الخبرة ، فيكون له الخيار ، وأما إذا كان يعلم قيمة الأشياء ويحسن المماكسة ، فلا يعد مسترسلا .
وإذا لم يكن لكم خيار الغبن ، لم يمكنكم فسخ البيع ؛ لأن البيع عقد لازم ، إلا أن يقيلكم ويرضى بالفسخ .
وإذا اشترطتم عليه عدم البيع حتى يسدد الثمن ، لزمه الوفاء ، ومنع من البيع حتى يسدد ، لكن ليس لكم فسخ البيع معه إلا برضاه ؛ لما سبق من أن البيع عقد لازم .
والله أعلم .
تعليق