الحمد لله.
أولاً:
لا شك أن ما فعله زوجكِ من احتضان بنات عمِّه – والظاهر من كلامكِ أنهن بالغات – هو معصية ولم يكن يحل له الإقدام عليها ، وأما تسويغه ذلك بما قاله لك ، فهو أمر مردود ، ولا يُغني شيئاً ، وكان الأصل أن يعترف أنه وقع في معصية وأنه لن يعود إليها ، ولا تجوِّز الشريعة ارتكاب المعصية لأجل دعوة الناس وعدم تنفيرهم من الإسلام ، بل الداعية إلى الله أولى الناس بالاستقامة على شرع الله تعالى فعلاً وتركاً وسلوكاً وهيئة وسمتاً.
سئل الشيخ عبد المحسن
العبَّاد – حفظه الله - :
عندنا بعض الدعاة يقولون تجوز المصافحة لمصلحة الدعوة ؟ .
فأجاب:
"مصلحة الدعوة في اتباع سنَّة الذي جاء بالدعوة " انتهى من " شرح سنن الترمذي " (
شريط رقم 182)
فالغاية – في ديننا – لا تسوِّغ الوسيلة ، بل كما يجب أن تكون الغاية التي يسعى
إليها المسلم مشروعة ، فالواجب أيضا أن تكون الوسيلة إليها مشروعة ، لا معصية فيها
ولا ابتداع .
وليعلم الدعاة إلى الله أنه ليس في الإسلام ما يستحيى من ذِكره أمام الكفار قولاً ، أو تطبيقه عملاً ؛ فهذا الشرع الحكيم لا يرفض أحكامه عاقل ، وقد جاءت أحكامه لتصلح دنيا الناس إلى قيام الساعة ، وقد علم هذا أولئك الكبار الذين أسلموا من مختلف الديانات .
ونحن نشكر زوجكِ على حرصه على الخير ، وعلى رغبته في عدم التنفير من الإسلام لكنه لم يُصب في فعله ، والواجب عليه أن يبيِّن لأهله وأقربائه ما أمره به الإسلام وما نهاه عنه ؛ لكي لا يقع في حرج معهم ، فيبيِّن لهم ما يتعلق بالصلاة والصيام والاختلاط والخلوة والموسيقى والخمر وغيرها مما يمكن أن يوجد شيء منه أثناء زيارته لهم أو زيارتهم له ، وكما أنهم يلتزمون أحكام دينهم أو عاداتهم أو أعرافهم فهو أولى أن يلتزم أحكام دينه .
وما فعلتِه من تأجيل حوارك
معه إلى حين ترجعين بيتكِ فيه حكمة بالغة وقد أحسنتِ التصرف ، ونرجو أن يكون منكما
إيضاح لأحكام الشرع لأهليكما كي لا تتكرر تلك الفعلة أو ما يشبهها ، وعليكما
الالتزام بشرع الله فيما تفعلان وتقولان ، ولتحذرا من ترك واجب أو فعل محرَّم من
أجل دعوة الناس ، وأولى الناس بالالتزام بالشرع هو الداعي إلى الله .
ونسأل الله أن يؤلف بين قلبيكما وأن يوفقكما لما فيه رضاه وأن يهدي أسرتيكما
للإسلام .
والله أعلم
تعليق