الحمد لله.
أولا : لا حرج على الإنسان من العمل في شركةٍ ومؤسسةٍ أصلُ عملها مباح ، وإن خالطها القيام ببعض التعاملات المحرمة ، شريطة أن لا يكون لعمله تعلق مباشر بشيء من الأعمال المحرمة أو الإعانة عليها .
وينظر جواب السؤال (160202).
ثانياً : بما أن عملك قائم على كتابة التقارير المالية ومنها القوائم الربوية ، وكذلك متابعة وتسوية العقود مع شركات التأمين المحرمة ، فأنت بذلك مباشر للعمل المحرم ، ومعين عليه ؛ فلا يجوز لك الاستمرار فيه لهذين الوجهين : مباشرة العمل المحرم ، والإعانة على ما تعمله الشركة من العقود المحرمة .
وفي صحيح مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ قَالَ : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا ، وَمُؤْكِلَهُ ، وَكَاتِبَهُ ، وَشَاهِدَيْهِ ، وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ ).
وكاتب الربا يشمل : من قام بتحريره ، والمحاسب الذي قام بتقييده ، ومن يقوم بمراجعته ، وكل من له تعلق به من ختم وتصديق ونحو ذلك .
جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (15/5) : " حديث لعن كاتب الربا عام ، يشمل : كاتب وثيقته الأولى ، وناسخها إذا بليت ، ومقيد المبلغ الذي بها في دفاتر الحساب ، والمحاسب الذي حسب نسبة الربا وجمعها على أصل المبلغ ، أو أرسلها إلى المودع ، ونحو هؤلاء ". انتهى .
ثالثاً : الواجب عليك ترك القيام بجميع الأعمال المتعلقة بالربا والتأمين فوراً
، وليس ثمة عذر يبرر لك الاستمرار بهذه الأعمال المعينة على الربا والتأمين .
وبإمكانك أن تطلب من أصحاب الشركة تحويلك إلى عمل آخر ليس فيه مباشرة لمحرم ، ولا
إعانة عليه ، أو استثناء هذه الأشياء من أعمالك .
فإن لم يجيبوك إلى ذلك ، فيلزمك ترك العمل في هذه الشركة ، والبحث عن عمل آخر في
شركة أخرى ، وأبواب الرزق الحلال كثيرة ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ،
فينبغي أن يعظُم توكلك على الله ورجاؤك فيما عنده وثقتك فيما أعده لعباده الصالحين
المتقين.
قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ
حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ
اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ).
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِيَ : أَنَّ
نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا ، وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا ،
فاتَّقُوا اللَّهَ ، وأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، وَلَا يَحْمِلَنَّ أَحَدَكُمُ
اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَة الله ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا
يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ ). رواه أبو نعيم في " الحلية " (10/27)،
وصححه الألباني .
رابعاً : أما ما يتعلق ببيع الملابس النسائية ونحوها من الأشياء التي قد تُستعمل في
الحلال أو الحرام ، فالأصل في مثل هذه الأشياء : جواز بيعها إلا لمن عُلم ، أو غلب
على الظن باعتبار ظاهر حاله ، أو قرائن أخرى ، أنه يستعملها في الحرام.
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال : (102214) ، (75007) ، (85000) .
وعلى كلٍّ فإن طبيعة عملك لا تتعلق ببيع هذه الأشياء بشكل مباشر للعملاء ،
فمشكلتك أنت بالمقام الأول هي في عقود الربا والتأمين التي تقوم بمباشرتها بحكم
عملك .
والله أعلم .
تعليق