الثلاثاء 18 جمادى الأولى 1446 - 19 نوفمبر 2024
العربية

حكم الاقتراض بربا لبناء مؤسسة تعليمية لينقذون بها أولاد المسلمين من الانتقال إلى مدراس مسيحية

السؤال


في منطقتنا كثير من المسلمين، وعندنا مدارس إسلامية تدرس فيها اللغة العربية والإنجليزية معاً، والديانة المسيحية على الرتبة الثانية في الإحصائية، ومع ذلك فمدارسهم على مستوى جيد، وكل من أتم دراسته فيها تخرج منها بالامتياز، فجعل المسلمون يسحبون أبناءهم من المدارس الإسلامية ويرسلونهم إلى تلك المدارس المسيحية، وتأثير ذلك على أبناء المسلمين واضح كل الوضوح للجميع، وليس لدينا إمكانيات لبناء مؤسسة تعليمية على نفس المستوى لإنقاذهم من هذا الهلاك المبين .
فهل يجوز لنا أن نقترض من البنوك الربوية ما يكفي لبناء تلك المؤسسة التعليمية لهذا الغرض ؟
أفيدوني ، أفادكم الله سبحانه وتعالى .

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
الاقتراض بفائدة من أي مؤسسة أو شخص أو بنك هو من الربا المحرَّم ، وهو كبيرة من كبائر من الذنوب ، وقد توعد الله تعالى فاعله باللعن والمحق في الدنيا والعذاب في الآخرة .
وانظر جوابي السؤالين ( 8829 ) و ( 126056 ) .

ثانياً:
وما تسألون عنه من بناء مؤسسة تعليمية بعقد ربوي لمنافسة المؤسسات النصرانية لا يعدُّ من الأعذار التي تبيح لكم ذلك الاقتراض المحرَّم المترتب عليه زيادة ربوية ، فليس هذا من الضرورات التي تبيح المحظورات ، ومن رضي لنفسه من الآباء والأمهات الوقوع في الحرام بإخراج أولاده من مدارسكم الإسلامية إلى المدارس النصرانية فإنما يبوء بالإثم العظيم على هذا الفعل ، وسيسأله ربه تعالى عن هذه الأمانة التي فرَّط في أدائها على وجهها الصحيح ، وأنتم ليس عليكم حرج ولا إثم جراء ما فعله أولئك الآباء والأمهات ، ولا يكلفكم الله تعالى إلا ما في وسعكم ، وأنتم لم تقصروا في توجيه الناس وتعليمهم وتهيئة المكان المناسب لتعليم أولادهم ، وإنما وقع التفريط منهم فلا تلامون أنتم عليهم ، وأخذكم الربا فيه تعريض أنفسكم لسخط الله وعقابه ، ولعلَّ فعلكم أن يكون أعظم من فعل أولئك الذين نقلوا أولادهم إلى تلك المدارس ، فاتركوا الأمور على حالها فمن شاء من المسلمين أن يلتزم معكم فليفعل ومن أبى فلا تؤاخذون بفعله ، ولا بأس من البحث عن مصادر أخرى مباحة لتمويل بناء مؤسسة تعليمية تنافس تلك المؤسسات النصرانية ، فابحثوا عن فاعل خير يقرضكم قرضا حسناً ، أو ابحثوا عن تاجر مسلم يشارككم في بناء تلك المؤسسة ويكون له ربح على قدر مساهمته ، أو اسلكوا الطريق المشتهرة وذلك بجمع التبرعات من المحسنين من أجل إقامة صرحكم التعليمي ، واحذروا من الاقتراض الربوي فلا خير فيه وهو مسبب لفاعله والراضي به الإثم العظيم .

سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
هل يجوز الاقتراض من البنوك الربوية لمنافسة المبشرين لغرض إنقاذ أبناء المسلمين من التنصير ، إلى آخره ؟ .
فأجاب :
إن كان الاقتراض بفائدة ربوية : لم يجز ذلك بإجماع سلف الأمة ؛ لأن الأدلة من الكتاب والسنة تدل على تحريم ذلك ولو كان الغرض شريفا ونبيلا ؛ لأن الغايات الشريفة لا تبرر الوسائل المحرمة ولا تبيحها ، أما إن كان الاقتراض من دون فائدة : فلا بأس ، ولكن الاقتراض من غيرها من أصحاب الأموال السليمة من الربا أولى وأحسن وأحوط إذا تيسر ذلك .
ونوصيكم بالتعاون بينكم وبالاقتراض من تجار المسلمين الطيبين وجمع التبرعات منهم ؛ لإنقاذ أبناء المسلمين من أيدي دعاة النصرانية والوثنية والشيوعية ، وهذا التعاون واجب عليكم - معشر المسلمين - في دولة " يوغندا " وغيرها ، وهو من الجهاد الشرعي ، ومن الدعوة إلى الله سبحانه ، ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونسأل الله لكم العون والتوفيق وصلاح النية والعمل ، ونوصي إخوانكم المسلمين في " يوغندا " التعاون معكم في عملكم الجليل لنشر الإسلام والدعوة إليه في المساجد وغيرها ، وافتتاح المدارس الإسلامية لتحفيظ القرآن الكريم وتعليمه ، وتعليم العقيدة الصحيحة الإسلامية السالمة من الشوائب الشركية والبدعية مع تعليم العلوم الشرعية " انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " ( 19 / 284 ) .
ولبيان تحريم الدراسة في المؤسسات النصرانية وغيرها انظر جوابي السؤالين ( 150114 ) و ( 145352 ) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب