الحمد لله.
أولاً :
لم نقف على اللفظ الذي ذكره السائل في سؤاله في رواية تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ : سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ) أخرجه البخاري (6406) ومسلم (2694) .
وفي هذه الرواية لا تقييد لقول هاتين الكلمتين بعدد معين ، أو زمان معين ، بل يشرع قولهما مطلقًا بأي عدد وفي أي وقت .
وصح - أيضا - عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( مَنْ
قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي : سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ
مَرَّةٍ ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ
إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ ) أخرجه مسلم (2692) .
ولم يُذكر في هذه الرواية المقيدة لتوقيت الذكر وعدد مراته : قول : " سبحان الله
العظيم " ، وإنما اقتصر الحديث على الجملة الأولى منه فقط : " سبحان الله وبحمده "
.
وأقرب إلى ما جاء في السؤال ، قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ
قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي : سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ
مِائَةَ مَرَّةٍ ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ
بِهِ إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ ) .
وفي لفظ : ( مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ : سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ
وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ ، وَإِذَا أَمْسَى كَذَلِكَ لَمْ يُوَافِ أَحَدٌ مِنْ
الْخَلَائِقِ بِمِثْلِ مَا وَافَى ) .
أخرجه أبو داود (5091) ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (6425) .
والذي يظهر ، والله أعلم ، أن الأمر في ذلك واسع : فله أن يقتصر على قول " سبحان
الله وبحمده " - مائة مرة - كما جاء في الأحاديث الثابتة المذكورة ، وله أيضا أن
يقوله : " سبحان الله العظيم وبحمده " ، ولو قال أيضا : " سبحان الله وبحمده سبحان
الله العظيم " مائة مرة ، فلا بأس به ، إن شاء الله .
والمختار في العبادات والأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من صيغة
، أن تفعل على جميع الصفات التي وردت بها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" العبادات التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم على أنواع : يشرع فعلها على جميع
تلك الأنواع ، لا يكره منها شيء ، وذلك مثل أنواع التشهدات ، وأنواع الاستفتاح ،
ومثل الوتر أول الليل وآخره ، ومثل الجهر بالقراءة في قيام الليل والمخافتة ،
وأنواع القراءات التي أنزل القرآن عليها ، والتكبير في العيد ، ومثل الترجيع في
الأذان وتركه ، ومثل إفراد الإقامة وتثنيتها " . انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 22 /
335 ) .
وبهذا يتبين أن المراد أن تقال الجملة كاملة ، مائة مرة ، على الصفات التي مر
ذكرها .
ويراجع في تعدد صيغ الأذكار الجواب رقم (140759) .
ثانيًا :
تسبيح الله هو تنزيهه عن كل ما لا يليق بجلاله من النقائص .
قال النووي في شرح صحيح مسلم (9/160) : " معنى التسبيح التنزيه عما لا يليق به
سبحانه وتعالى من الشريك والولد والصاحبة ، والنقائص مطلقًا "
انتهى .
وأما تحميد الله فهو الثناء عليه ووصفه بصفات الكمال والتعظيم .
ومعنى اسم الله العظيم أنه : ذو العظمة والجلال في ملكه وسلطانه عز وجل ، وأن كل ما
دونه من خلقه يصغرون عن عظمته ، ويُحقَرون في جانب جلاله .
انظر : تفسير "جامع البيان " للطبري (3/9) ، و" اشتقاق أسماء الله " للزجاجي ص111 .
و" تفسير أسماء الله " للزجاج ص46.
ويعد قول : "سبحان الله وبحمده " من أجمع ألفاظ الذكر لاشتماله على معاني التنزيه
والتهليل والتحميد والتكبير .
قال الحافظ ابن حجر : " ويمكن أن يكون قوله " سبحان الله وبحمده " مختصرًا من
الكلمات الأربع وهي : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ؛
لأن " سبحان الله " تنزيه له عما لا يليق بجلاله وتقديس لصفاته من النقائص ، فيندرج
فيه معنى لا إله إلا الله ، وقوله " وبحمده " صريح في معنى والحمد لله لأن الإضافة
فيه بمعنى اللام في الحمد ، ويستلزم ذلك معنى الله أكبر ؛ لأنه إذا كان كل الفضل
والإفضال لله ومن الله وليس من غيره شيء من ذلك فلا يكون أحد أكبر منه " انتهى .
فتح الباري (18/215) .
ولذلك ترتب على تكرار قول هذه الكلمات الثواب الكبير المذكور في الحديث .
والله أعلم .
تعليق