السبت 27 جمادى الآخرة 1446 - 28 ديسمبر 2024
العربية

هل تصبر على زوج سيء الأخلاق أم تحرص على الفراق ؟

179334

تاريخ النشر : 07-07-2012

المشاهدات : 111360

السؤال


أنا شابة في الرابعة والعشرين ، متزوجة منذ خمس سنوات ونصف ، ولدي طفلة في الثالثة من العمر ، ليس لدي أسرة ، فوالدي توفي عندما كنت في الثامنة عشرة ، أما أمي فتركتني بعد أن طلقها والدي وأنا في الشهر الأول من عمري ، ومع هذا فلديّ أعمام ولكنهم لا يتصلون بي إلا قليلاً ؛ لأنهم يكرهون زوجي ، وأنا أيضاً أكرهه ، إنه منافق يُبطن ما لا يُظهر ، فتراه يتمثل الصلاح أمام الناس ، فإذا ما خلا لم يُبق ولم يذر ، يتكاسل في صلاته ، يسيء إليّ ، يحتقرني ، يهزأ بي وبما أقول من نُصح .. الخ ، إنه يضرب أسوء الأمثلة أمام الطفلة الصغيرة ، كما أنه فوق هذا وذاك بخيل قابض اليد ، كثير الوعود قليل الإيفاء . وبالرغم من كل ذلك فإني أراقب الله فيه ، وأسعى للقيام بطاعته على أتم وجه ، غير أن ذلك لا ينفي كرهي له ، إني أكرهه بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، حتى عندما يأتي للنوم معي لا أشعر بما يشعر به كل النساء مع أزواجهن من متعة ، بل أشعر كما لو أني أخضع لعذاب لا خيار لي حياله إلا الصبر . كلما حاولت التوصل إليه بالنصح نهرني وقال : لقد سمعت هذا كثيراً ، إنه يسيء فهمي في كل صغيرة وكبيرة ويحمّلني الخطأ دائماً ، ما جعلني أعزف عنه عزوفاً تامّاً ، لدرجة أني أخشى أن لا تُقبل صلاتي ؛ لشدة ما أجد في نفسي تجاهه . فما العمل من وجهة نظركم ؟ لقد فكرت بالطلاق ولكني لا أريد لابنتي أن تعيش نفس الحياة الذي عاشتها والدتها ، ومع هذا فما زال هذا الخيار قائماً ، فالطلاق من وجهة نظري أقل وطأة على نفسي وأحب إليَّ من البقاء معه ، فأرجو التوجيه .

الجواب

الحمد لله.


الأصل في الزواج أن يقوم على المودة والرحمة بين الزوجين ، وحفظ العهد وحسن الرعاية والعفاف ، والتعاون فيما بينهما على وتربية الأولاد ، ومعانٍ كثيرة شُرع الزواج من أجلها ، وقام عليها ، وقد تفقد المرأة معنى من هذه المعاني ، وتحافظ على بيتها حرصا على أمور أخَر كحفظ العهد ، أو الخوف على مستقبل الأولاد .
ولقد ضربتِ مثلاً حسناً في الإحسان إلى زوجك ، والحرص على القيام بحقوقه ، مع ما يفعله معك من إساءة ، ونرجو أن تداومي على هذا الأمر محتسبة الأجر عند الله ؛ فإنه لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، وإن الزوج طريقك إلى الجنة .
وإن الزوجة كما هي مطالبة بحسن العشرة كذلك يطالب الزوج ، فهو مأمور بحسن الخلق والمعاشرة ، قال تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/ 19 ، وقال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) البقرة/ 228 .
ومما يطالب الزوج به : النفقة ، قال تعالى : ( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) البقرة/ 233 .
وهو مأمور بحسن تربية الأولاد وهو محاسَب عند الله على نصحهم والعناية بهم ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) رواه البخاري ( 2278 ) ومسلم ( 1829 ) .
فإن فُقدت هذه المعاني من الحياة الزوجية أصبح العيش فيها مضرّاً مهلِكاً للنفس والبدن ، ولكن إذا كان النصح واجباً لعامة المسلمين فإن زوجك أولى الناس به ، فلو عرضتِ حالته على من يستحيي منه من الناس لعله ينصحه فتكون هذه النصيحة سببا في هدايته ، فلعل أن يكون في ذلك خير له في دينه ودنياه وآخرته .
فإن لم يجد ذلك معه شيئا ، فانظري إلى أمرك ، وشاوري الثقات القريبين منك ، والعارفين بحالك : فإن غلب على ظنك أن تؤدين له حقه ، وتحستبين عند الله ما ضيعه من حقك ، وعلمت أن ذلك أحفظ لابنتك ، خاصة في البيئة التي تعيشين فيها ، فاصبري معه ، واحتسبي أجر ذلك عند الله .
وإن غلب على ظنك أنك لن تتمكني من تحمل ذلك ، فالكي آخر الدواء ، والطلاق آخر ما يلجأ إليه الزوجان ، لكنه مع ذلك حل واقعي ، وشرعي ، لكثير من المشكلات التي لا حل لها إلا ذلك ؛ وقد قال الله تعالى : ( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ) النساء/ 130 ، ولعل الله أن يبدلك خيرا منه ، وأن يبدل ابنتك خيرا من تلك الحال .
وانظري جوابي السؤالين ( 161234 ) و ( 67940 ) .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب