السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

هل يجوز أن يتخالع الزوجان بشرط بقاء الأولاد في حضانة أمهم ولو تزوجت ؟

179756

تاريخ النشر : 05-07-2012

المشاهدات : 61624

السؤال


أنا امرأة مطلقة ، ولقد وقع الطلاق بالخلع ، ومن الشروط التي تمت الموافقة عليها لقد تنازل طليقي عن حضانة البنات لصالحي ، مقابل التنازل عن مهري ، ولقد وقّع طليقي على ذلك ، ومن ضمن عقد الطلاق : لو تزوجت أنا مرة ثانية ، البنات يبقون معي ؟ أريد التأكد من ذلك ، لأنه تقدم لي عريس ملتزم دينيا ، ومن عائلة كريمة ، ولكن أريد الإبقاء على بناتي ، وتربيتهم بنفسي تربية دينية صحيحة , مع العلم أن والدهم قد تزوج وأنجب مرة ثانية .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
يصح الخلع بالتنازل عن المهر كله أو بعضه ، أو بالتعويّض بأكثر منه .
يراجع جواب السؤال رقم : (26247) .
ثانيا :
إذا حصل فراق بين الزوجين بطلاق أو خلع أو فسخ ، فالأم أولى بحضانة أولادها الصغار من الأب ، ما لم تتزوج ، فإن تزوجت سقط حقها في الحضانة .
يراجع جواب السؤال رقم : (127610) .

ثالثا :
اختلف العلماء في الحضانة : هل هي حق للحاضن أو المحضون ؟ على قولين .
قال ابن القيم رحمه الله :
" اختلف الفقهاءُ : هل هي للحاضن أم عليه ؟ على قولين في مذهب أحمد ومالك، وينبني عليهما : هل لمن له الحَضانة أن يُسقِطَها فينزل عنها ؟ على قولين ...
والصحيحُ أن الحضانة حق لها ، وعليها ؛ إذا احتاج الطفل إليها ولم يُوجد غيرُها ، وإن اتفقت هي وولي الطفل على نقلها إليه : جاز " انتهى من "زاد المعاد" (5/451-452) .

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (4/250) :
" يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ، وَهُوَ أَيْضًا قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ خِلاَفُ الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ - أَنَّ لِلْحَاضِنِ أَنْ يَسْقُطَ حَقُّهُ بِإِسْقَاطِهِ ، وَيَنْتَقِل الْحَقُّ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ ، وَلاَ يُجْبَرُ عَلَى الْحَضَانَةِ إِلاَّ إِذَا تَعَيَّنَ وَلَمْ يُوجَدْ حَاضِنٌ غَيْرُهُ ، ثُمَّ إِنْ عَادَ الْحَاضِنُ فَطَلَبَ الْحَضَانَةَ عَادَ الْحَقُّ إِلَيْهِ " انتهى .
وقال ابن عثيمين رحمه الله : " والحضانة هنا حق للحاضن لا حق عليه ، وعلى هذا فإذا أراد أن يتخلى عنها لمن دونه جاز له ذلك " انتهى من "الشرح الممتع" (13 /536) .

وعلى ذلك : فيجوز للأب أن يتنازل للأم عن حقه في الحضانة ، ولو بعوض .
قال الشيخ محمد عليش المالكي رحمه الله :
" إذَا أَسْقَطَتْ الْحَضَانَةَ بَعْدَ وُجُوبِهَا ، فَذَلِكَ لَازِمٌ لَهَا ، وَسَوَاءٌ أَسْقَطَتْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ , أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ " انتهى من "فتح العلي المالك" (1/279) ، وينظر : (1/326) منه .

وهو ظاهر اختيار شيخ الإسلام رحمه الله حيث يقول :
" وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي جَوَازُ أَخْذِ الْعِوَضِ عَنْ سَائِرِ حُقُوقِهَا ، مِنْ الْقَسْمِ وَغَيْرِهِ " انتهى من
"الفتاوى الكبرى" (5 /483) .

وسئل شيخ الإسلام عَنْ رَجُلٍ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ : طَلِّقْنِي وَأَنَا أَبْرَأَتْك مِنْ جَمِيعِ حُقُوقِي عَلَيْك ؛ وَآخُذُ الْبِنْتَ بِكِفَايَتِهَا ؟
فَأَجَابَ : " إذَا خَالَعَهَا عَلَى أَنْ تُبْرِئَهُ مِنْ حُقُوقِهَا ، وَتَأْخُذَ الْوَلَدَ بِكَفَالَتِهِ وَلَا تُطَالِبَهُ بِنَفَقَةِ : صَحَّ ذَلِكَ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (32 /353) .
رابعا :
لا بد مع ذلك من مراعاة مصلحة المحضون وحقه في الحضانة ، فإذا تنازل الأب مثلا عن حقه في الحضانة للأم المتزوجة ، وكان في ذلك ضياع لحق المحضون وإهمال رعايته وتربيته وذهاب مصالحه : انتُزِع منها ، وانتقلت الحضانة لمن هو أولى بالطفل ورعايته وتربيته من أمه.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (17/301) :
" لِكُلٍّ مِنَ الْحَاضِنِ وَالْمَحْضُونِ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ ، فَهِيَ حَقُّ الْحَاضِنِ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوِ امْتَنَعَ عَنِ الْحَضَانَةِ لاَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا ، لأِنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ ، وَلَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِيهَا سَقَطَ ، وَإِذَا أَرَادَ الْعَوْدَ وَكَانَ أَهْلاً لَهَا : عَادَ إِلَيْهِ حَقُّهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ، لأِنَّهُ حَقٌّ يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الزَّمَانِ .
وَهِيَ حَقُّ الْمَحْضُونِ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْبَل الْمَحْضُونُ غَيْرَ أُمِّهِ ، أَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلأْبِ وَلاَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ : تَعَيَّنَتِ الأْمُّ لِلْحَضَّانَةِ ، وَتُجْبَرُ عَلَيْهَا " انتهى .

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" واعلم أن هذه المسائل يجب فيها مراعاة المحضون قبل كل شيء ، فإذا كان لو ذهب مع أحدهما ، أو بقي مع أحدهما : كان عليه ضرر في دينه ، أو دنياه : فإنه لا يُقرُّ في يد من لا يصونه ، ولا يُصلحه ؛ لأن الغرض الأساسي من الحضانة هو حماية الطفل عما يضره ، والقيام بمصالحه " انتهى من "الشرح الممتع" (13/545) .

فعلى ما تقدم :
يجوز للزوجين أن يتخالعا على ما بدا لهما ، وأن يبقى الأولاد في حضانة أمهم ، ولو تزوجت ، بشرط أن يكون في بقائهم معها مصلحة لهم ، وأن لا يخل زواجها الثاني بحضانتها لأولادها ، فإن أخل ذلك بمصلحتهم ، انتقلت الحضانة لمن هو أولى بعناية الأولاد وتربيتهم من الأم .

يراجع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (9463) ، (20705) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب