الحمد لله.
إذا وجد لصاحب المال من يرثه ، بحسب القسمة الشرعية ، ولو واحداً : لم يجز له أن يوصي بكل ماله ، سواء كان الورثة من أولاده ، أو من غيرهم كالإخوة والأخوات والأعمام ، وغيرهم من العصبات والوارثين ؛ ولا فرق بين أن يكونوا محتاجين ، أو غير محتاجين ؛ لأن هذا حقهم الشرعي الذي أعطاه الله لهم ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله أعطى كل ذي حق حقه ) ؛ فإن خالف صاحب المال وأوصى بكل ماله ، لم تنفذ الوصية إلا من الثلث ؛ لأن المال ينتقل بمجرد الوفاة إلى الورثة ، فيدخل في ملكهم قهراً .
ولهذا منع النبي - صلى الله عليه وسلم – الوصية لوارث ، إلا بإجازة بقية الورثة ؛ لملكهم إياه بموت المورث .
عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ ) والحديث صححه الألباني في " صحيح أبي داود" .
وعند الدارقطني ( إلا أن يشاء الورثة ) وحسنه الحافظ ابن حجر رحمه الله في "بلوغ المرام".
قال النووي رحمه الله : " وأجمع العلماء في هذه الأعصار على أن من له وارث لا تنفذ وصيته بزيادة على الثلث ، إلا بإجازته [ أي : بموافقة الوارث ] ، وأجمعوا على نفوذها في جميع المال. وأما من لا وارث له : فمذهبنا ومذهب الجمهور أنه لا تصح وصيته فيما زاد على الثلث، وجوزه أبو حنيفة وأصحابه وإسحاق وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وروي عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما " انتهى من "شرح مسلم" .
وعليه : فلا يحل لكما أن توصيا بكل مالكما ، ما دام لكما ورثة ، وإذا قدر أن أحدا أوصى قبل موته ، لم تنفذ وصيته إلا في حدود الثلث ، وما زاد عن الثلث يوقف على موافقة الورثة .
وأما النفقة والصدقة والهبة
في أثناء الحياة : فلصاحب المال أن يعطي من ماله ، وينفق منه ما شاء .
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم(147489).
والله أعلم
تعليق