الحمد لله.
أولا :
" الكارما " مصطلح شائع في الديانات الهندية ( الهندوسية والجينية السيخية والبوذية ) ويطلق لفظ "كارما" على الأفعال التي يقوم بها الكائن الحي ، والعواقب الأخلاقية الناتجة عنها، فأي عملٍ من خير أو شر ، سواء كان قولا أو فعلا أو مجرد فكرة ، لا بد أن تترتب عليه عواقب ، ما دام قد نَتَج عن وعي وإدراك مسبوق ، وتأخذ هذه العواقب شكل ثمارٍ تنمو، وبمجرد أن تنضج تسقط على صاحبها، فيكون جزاؤه إما الثواب أو العِقاب.
وقد تطول أو تقصر المدة التي تتطلبها عملية نضوج هذه الثمار ( أو عواقب الأعمال ) ، غير أنها تتجاوز في الأغلب فترة حياة الإنسان، فيتحتم على صاحبها الانبعاث مرة أخرى لينال الجزاء الذي يستحقه ، فالكارما هي قانون الثواب والعقاب المزروع في باطن الإنسان.
يعمل نظام "كارما" عند هؤلاء وفق قانون أخلاقي طبيعي قائم بذاته ، وليس تحت سلطة
الأحكام الإلهية ، وتتحدد وفقا للكارما عوامل متعددة : مثل المظهر الخارجي ،
والجمال ، والذكاء، والعمر، والثراء ، والمركز الاجتماعي .
وحسب هذه الفلسفة يمكن لأكثر من كارماٍ مختلفة ومتفاوتة ، أن تؤدي في النهاية إلى
أن يتقمص الكائن الحي شكل إنسان ، حيوان ، شبح ، أو حتى إحدى شخصيات الآلهة
الهندوسية.
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%83%...B1%D9%85%D8%A7
ويزعم هؤلاء أن قانون الكرما يحكم كل ما هو مخلوق ، وهو قانون غير قابل للتعديل
، ويزعمون أن هذا القانون يحكم ويراقب في كل لحظة ، ولذلك فلكل من تصرفاتنا الجيدة
والسيئة عواقبها. كل ما نفعله من سوء يجب أن ندفع ثمنه فيما بعد ، وكل ما نفعله من
حسن سنكافأ عليه.
جاء في "الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة" :
" الكارما - عند الهندوس - : قانون الجزاء ، أي أن نظام الكون إلهي قائم على العدل
المحض، هذا العدل الذي سيقع لا محالة إما في الحياة الحاضرة أو في الحياة القادمة ،
وجزاء حياةٍ يكون في حياة أخرى ، والأرض هي دار الابتلاء كما أنها دار الجزاء
والثواب " انتهى .
وجاء فيها أيضا :
" ويظل الإنسان يولد ويموت ما دامت الكارما متعلقة بروحه ولا تطهر نفسه حتى تتخلص
من الكارما حيث تنتهي رغباته وعندها يبقى حيًّا خالداً في نعيم النجاة ، وهي مرحلة
"النيرفانا" أو الخلاص التي قد تحصل في الدنيا بالتدريب والرياضة أو بالموت " انتهى
.
ثانيا :
لا شك أن هذه الديانات الهندية ديانات وثنية ، تشكلت وتكونت وفق اعتقادات باطلة
وتصورات محالة متوهمة .
واعتقاد " الكارما " من ضمن تلك الاعتقادات الباطلة التي يعتقدها هؤلاء ويدينون بها
.
ونستطيع أن نلخص أسباب القول ببطلان هذا الاعتقاد الفاسد فيما يلي :
أولا : أنه اعتقاد مختلق ، ليس قائما على وحي إلهي معصوم ، وإنما مبعثه ديانة وثنية
مخترعة.
ثانيا : هو نظام يعمل وفق قانون أخلاقي طبيعي قائم بذاته ، مستغن عن الشرع الإلهي ،
والعقائد الدينية السماوية .
ثالثا : يزعمون أنه قانون مهيمن مسيطر على كل مخلوق ، يراقب التصرفات ، ويدبر
المقادير ، ويجازي على الأعمال ، وهذا كفر صريح ؛ فإن الله هو المهيمن وهو الذي
يدبر الأمر وهو الذي يحاسب الناس على أعمالهم .
رابعا : هذا الاعتقاد داخل في منظومة اعتقاداتهم الباطلة التي يريدون أن يصلوا بها
إلى مرحلة الخلاص الأبدي بزعمهم ، والذي هو الهدف الأسمى عندهم ، فبما أن الكارما
هي عواقب الأفعال التي يقوم بها الأشخاص، فلا خلاص ما دامت الكارما موجودة .
ونحن ولله الحمد مستغنون بدين الله ونعمة الله عن هذه الاعتقادات الباطلة وتلك
الملل المخترعة.
ويكفينا قول الله تعالى : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ *
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) الزلزلة/ 7، 8 .
يكفينا أن نعلم أن الله على كل شيء حفيظ ، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما .
يكفينا أن نعلم أن الإحسان في ديننا ، والذي هو أعلى مراتب الإيمان ، أن نعبد الله
كأننا نراه.
فمن علم ذلك واعتقده وأيقن أن الله يبعث من في القبور ليحاسبهم على مثاقيل الذر من
الأعمال ، وقد أقام عليهم الشهداء والكتبة الحافظين ، لم يحتج إلى هذا الباطل
المخترع ، والاعتقاد الفاسد الضال حتى ينتهي عن الإثم ، وينكفّ عن سيء الأقوال
والأعمال والأخلاق .
راجع للفائدة جواب السؤال رقم : (126472).
والله تعالى أعلم .
تعليق