الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

حكم الكذب على الزوجة والحلف كاذبا على ذلك

183884

تاريخ النشر : 29-06-2012

المشاهدات : 210737

السؤال


سمعت أن الكذب على الزوجة جائز ، فما الحكم الصحيح لذلك وما الدليل ؟ وماذا لو كذب الشخص على زوجته فاستحلفته بالله على صدق ما قال ، أيجوز له أن يحلف ؟!

الجواب

الحمد لله.


جاءت الرخصة بجواز كذب أحد الزوجين على صاحبه إذا دعت الحاجة والمصلحة لذلك ، فقد روى الترمذي (1939) عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ : يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا ، وَالْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ ، وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ ) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح سنن الترمذي " .

والمقصود بالكذب بين الزوجين : الكذب في إظهار الود والمحبة لغرض دوام الألفة واستقرار الأسرة ، كأن يقول لها : إنك غالية ، أو لا أحد أحبّ إليّ منك ، أو أنت أجمل النساء في عيني ، ونحو ذلك ، وليس المراد بالكذب ما يؤدي إلى أكل الحقوق ، أو الفرار من الواجبات ونحو ذلك .
قال النووي رحمه الله في " شرح مسلم " : " وَأَمَّا كَذِبه لِزَوْجَتِهِ وَكَذِبهَا لَهُ : فَالْمُرَاد بِهِ فِي إِظْهَار الْوُدّ ، وَالْوَعْد بِمَا لَا يَلْزَم ، وَنَحْو ذَلِكَ ؛ فَأَمَّا الْمُخَادَعَة فِي مَنْع مَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا , أَوْ أَخْذ مَا لَيْسَ لَهُ أَوْ لَهَا : فَهُوَ حَرَام بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ . وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى .

وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (136367) .

وإذا استحلف أحد الزوجين الآخر ، وكان الحلف لا يترتب عليه أكل حق أو فرار من واجب ، وإنما فيما يتعلق بأمور الود والحب – كما سبق - ، ولم يجد الحالف بدا من الحلف ، ففي هذه الحال يحلف ويورّي في حلفه ، بأن يقول : والله أني لصادق ، وينوي صدقه في بعض ما قال ، مثلاً .

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في " مجموع فتاوى ابن باز " (1/54 ) :
" فالمشروع للمؤمن أن يقلل من الأيمان ولو كان صادقا ؛ لأن الإكثار منها قد يوقعه في الكذب ، ومعلوم أن الكذب حرام ، وإذا كان مع اليمين صار أشد تحريماً ، لكن لو دعت الضرورة أو المصلحة الراجحة إلى الحلف الكاذب فلا حرج في ذلك ؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا ويقول خيراً ، قالت : ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إنه كذب إلا في ثلاث : الإصلاح بين الناس ، والحرب ، وحديث الرجل امرأته ، وحديث المرأة زوجها ) رواه مسلم في " الصحيح " .

فإذا قال في إصلاح بين الناس : والله إن أصحابك يحبون الصلح ويحبون أن تتفق الكلمة , ويريدون كذا وكذا , ثم أتى الآخرين وقال لهم مثل ذلك , ومقصده الخير والإصلاح فلا بأس بذلك للحديث المذكور .
وهكذا لو رأى إنسانا يريد أن يقتل شخصا ظلما أو يظلمه في شيء آخر , فقال له : والله إنه أخي , حتى يخلصه من هذا الظالم إذا كان يريد قتله بغير حق أو ضربه بغير حق , وهو يعلم أنه إذا قال : أخي , تركه احتراما له , وجب عليه مثل هذا لمصلحة تخليص أخيه من الظلم .

والمقصود : أن الأصل في الأيمان الكاذبة المنع والتحريم ، إلا إذا ترتب عليها مصلحة كبرى أعظم من الكذب ، كما في الثلاث المذكورة في الحديث السابق " انتهى .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب