الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

تبنّى طفلة ، ووالداه يأمرانه بردّها ، ويخشى عليها الفتنة إن هو ردّها ، فماذا يفعل ؟

السؤال

أرسل عمي منذ بضعة سنوات إلى مؤسسة للتبني يطلب منهم أن يتبنى طفلا فأجابوه بعد شهور أنهم قد وجدوا طفلة رضيعة ، وأنه من الممكن أن يأخذها ، وقد رعاها وزوجته عامان وأرضعتها زوجته وبذلك يكون الرجل محرم لها ، والمشكلة الآن في أبويه الذين ذهبا إلى إمام فقال لهما : إن هذا غير جائز أن يقوما بتبني طفلة لا يزال والديها أحياء ، ولكن الحقيقة أن والديها هجراها فكيف يعيدونها ؟ ، كما أن المتبنيين لا يعرفان أيضا اسم والديها ؛ لأن مؤسسة التبني لا تعطي تفاصيل الأبوين الحقيقيين ؛ لأنها تعد سرية ، والآن يهدد الأبويين أبناءهما بالتبرؤ منهما إذا لم يتخلوا عن الطفلة ، وهما لا يعرفان ماذا يفعلان ، وهما لا يريدان إعادتها خوفا من أن ينتهي بها المطاف لأسرة كافرة ، ويخاف أيضا إن هو لم يتخل عن الفتاة فإنه سيخسر والديه .


فهل للوالدين أن يطلبا منه التخلي عنها ، وهل عليه أن يطيعهما في ذلك ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
تقدم في جواب السؤال رقم : (126003) أن التبني يُطلق في عرف الناس ويُراد به أمران :
الأول : القيام على تربية الطفل ، والعناية به ، مع عدم تغيير نسبه .
والثاني : القيام على تربيته ، والعناية به ، مع نسبة ذلك المُتبنَّى إلى أسرة المتبنِّي ، وجعله واحداً من أفرادها .
وأن هذا الثاني كان جائزا أول الإسلام ثم أبطله القرآن .
وأما الأول فمن أعمال البر المشروعة .
فإن كانت هذه الطفلة لا يعرف لها أهل ، فقام عمك على تربيتها والعناية بها دون أن ينسبها إلى نفسه : فقد أحسن صنعا .
وعلى ذلك لا تأخذ هذه الطفلة حكم البنت للنسب من جهة النسب والميراث .
وإن كان تبناها ونسبها لنفسه كما تنسب البنت لأبيها فلا يجوز له ذلك ، وعليه العدول عنه ، بتغيير اسمها ، وتصحيح الكتابات الرسمية التي تخصها ، بحيث لا تنسب إليه ولا ترثه ، مع الاستغفار والتوبة .
قال علماء اللجنة :
" ما قمت به من تبني الطفل الذي أشرت إليه وتسجيله في حفيظتك على أنه ابنك وتثبيت ذلك بصك لكي يرثك على أنه ابن لك- خطأ محض ، وتجاوز على حدود الله ، وكذب على المسئولين في الدولة بإفادتهم بخلاف الواقع ، فالتبني لا يجوز في الإسلام ... وما عملته لا يلحقه بنسبك ولا يجعله وارثا لك ، وعليك التوبة إلى الله سبحانه ، وتصحيح وضع الكتابات الرسمية المتعلقة به لدى المعنيين بذلك ، عسى الله أن يغفر لنا ولك ما فرط منا ومنك من الذنوب ، وأن يجزيك على تربيته والإنفاق عليه خير الجزاء ، وإن أوصيت له بشيء من ثلثك فهو حسن ، وإن أعطيته عطية ناجزة فهو أحسن إذا كان محتاجا تكميلا لإحسانك إليه " .
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (20 /352) .
ثانيا :
تنسب الفتاة الملتقطة إذا كان لا يُعرف لها نسب إلى اسم معبّد لله كعبد الله وعبد الرحمن ، وهكذا جدها ، فتدعى : فلانة بنت عبد الله بن عبد الحميد ، مثلا . أو بأي اسم آخر حسن .
قال علماء اللجنة :
" لا يجوز للملتقط أن ينسب اللقيط أو اللقيطة إلي ه؛ لقوله تعالى: ( ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ) وعليه : يجب على الملتقط إلغاء اللقيط من حفيظة نفوسه ، وفي الإمكان نسبتها إلى اسم معبد لله سبحانه: كعبد الله أو عبد الرحمن ونحوهما ، وهكذا جدها " .
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (18 /161) .
فإن كان يُعرف نسبها انتسبت إليه .
ثالثا :
على الابن إعلام والديه بحكم المسألة بعد تصحيحها ، وأنه يشرع له القيام بتربيتها ورعايتها ، وأن مجرد ذلك ليس من التبني المحرم ، وعليه أن يبين لهما ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة.
وليس على الابن أن يرد الطفلة إلى مؤسسة التبني مرة ثانية ؛ لما في ذلك من الخطر على البنت ، وما قد يحصل من ورائه من البلاء والفتنة ، إلا إذا كان أبواها حيين ، وهما مسلمان ، واستطاع أن يتوصل إليهما ، ولم يخش مع ذلك على الفتاة منهما ، فعليه حينئذ أن يردها إلى أبويها ، وهو مشكور مثاب لسالف بره بها ورعايته لها .
وليس لوالديه أن يطلبا منه التخلي عنها وردها إلى المؤسسة ، وليس عليه أن يطيعهما في ذلك ؛ لما قد يترتب على ذلك من عظيم الشر والفتنة ، ولكن عليه أن يبين لهما الحكم ، ويداريهما ما استطاع .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب