الحمد لله.
أولا :
تقدم في إجابة السؤال رقم (127179) أن فقهاء المسلمين قد اتفقوا على اشتراط الإسلام في القاضي الذي يحكم بين المسلمين ؛ لأن القضاء نوع ولاية ، ولا ولاية لكافر على مسلم .
وأنه يرخص في اللجوء إلى القضاء الوضعي عندما يتعين سبيلا لاستخلاص حق أو دفع مظلمة في بلد لا تحكمه الشريعة ، شريطة اللجوء إلى بعض حملة الشريعة لتحديد الحكم الشرعي الواجب التطبيق في موضوع النازلة ، والاقتصار على المطالبة به والسعي في تنفيذه ، فإذا كانت المحكمة الوضعية الكفرية قد حكمت لأحد الخصمين على صاحبه بأزيد من حقه ، لم يحل له من ذلك إلا مقدار حقه ، ويجب عليه أن يرد الباقي إلى صاحب الحق .
وإن حكمت بحقه ، فله أخذه ، وإن حكمت بأقل من حقه ، فله المطالبة بما بقي له من حقه ، ويبقى في ذمة خصمه ، لا يحله منه حكم المحكمة بما حكمت به .
ومثل هذا يقال في الحقوق
الأخرى ، إن كان لك في ذمته شيء من الحقوق ، من نفقة أو كسوة ، أو مال اقترضه منك ،
أو نحو ذلك ؛ فكل هذا لا يعفيه منه أن يشهر إفلاسه ، أو ألا تحكم المحكمة به ، بل
هو ثابت في ذمته ، ومتى تيسر له مال ، وجب عليه أداء ما عليه من الحقوق.
وإذا كان قانون تلك البلاد يسقط ديون المفلس إذا أعلن إفلاسه فهو قانون مخالف
للشريعة ولا عبرة به .
وينظر إجابة السؤال رقم (127591)
.
وعلى هذا : فينظر في حكم هذه المحكمة الكندية ، فما وافق حكم الله أخذ به وعمل به ، وما خالف ذلك رد ولم يعمل به ، ويمكن مراجعة أقرب مركز إسلامي إلى مكان إقامتك في هذا البلد ، لمعرفة ذلك والعمل بمقتضاه .
ثانيا :
يتبين مما سبق أن المال الذي حكمت به المحكمة ، يحل لك أخذه متى كان هو الحق الذي
يقضي به القاضي الشرعي ؛ فإن كان أكثر من ذلك : فليس لك في ذمته إلا مقدار الحق
الشرعي ، وما زاد عليه ، فلا يحل لك أخذه .
وأما إذا كان أقل من حقك : فلك أخذه ، وما تبقى فهو في ذمته ، لا يسقط عنه ، متى ما
وجد قضاء له .
فإن كان فقيرا معسرا حقيقة ، فالواجب إنظاره إلى أن يتمكن من الأداء .
وإن لجأ إلى إشهار إفلاسه ، كما يفعل الناس في الغرب كثيرا ، فهذا لا يسقط حقك
الشرعي عنده ، بل يبقى في ذمته ؛ فإن لم يكن معسرا حقيقة ، فلك أن تسعي إلى مطالبته
، والتضييق عليه ، ، وشكايته ، حتى تحصلي على حقك منه .
وإن كان معسرا حقيقة ، وجب عليك إنظاره إلى أن يجد ما يؤدي به دينه .
وينظر جواب السؤال رقم (145437) ورقم (127591) .
والله أعلم .
تعليق