الحمد لله.
قبل أن ندخل في تفاصيل المشكلة ، نود أن نشير إلى أن بعض مواقفنا في الحياة ، نكون نحن المسؤولين عن اتخاذ القرارات فيها ، ولا أحد يستطيع فعل ذلك بدلا عنا .
ويظهر لنا من رسالتك أنك متحيرة في قرار مصيري ، مهما استشرت حوله ، واستفسرت بشأنه ، يبقى دائما القرار قرارك ، وأنت فقط من يمكنه تقدير ملابسات الظرف الذي تمرين به ، وأنت وحدك القادرة على اتخاذ القرار الأخير فيه .
لكن هذا لا يمنع من أن نحلل معك عناصر المشكلة ، مساعدة لك ـ فقط ـ على رؤية الموضوع بعيون أخرى .
لعل من أكبر المؤشرات ـ خلال فترة الخطبة ـ على مستقبل الزواج الناجح ، الذي يتمكن فيه الزوجان من تحقيق التكامل المطلوب : القدرة على العطاء ، وتقديم التنازلات وعدم التدقيق في سفاسف الأمور والتغاضي عن الأخطاء البسيطة .
أختنا الكريمة ؛ لقد قرأنا ،
وأعدنا النظر فيها ، وقلنا مع أنفسنا : ما الذي يجبر فتاة في مقتبل العمر على
الارتباط بشاب ، أقل ما يمكن قوله في حقه : أنها ليست مقتنعة به تماما ، بل متخوفة
منه ، والقلق يساورها ـ وهي محقة في ذلك ـ من تشدده معها ، وتعنيفه لها بالقول ،
ورفع صوته عليها لأجل ما صغر أو كبر من الأخطاء ، وفي فترة –كما ذكرنا سابقا- هي
أجمل فترات عمر الحياة الزوجية والتي يجب أن تتسم بالهدوء والعاطفة الجياشة ،
والتسامح ، بل يزيد الطين بلة بتوعدها بالعقاب العسير ، إن صدرت منها مثل تلك
الهفوة بعد الزواج ، بل ويربط تلك العقوبة المستحقة في نظره بحقه كرجل ؟؟
هو خلوق ، مؤدب وطموح ، تلك محاسنه التي ذكرت ، وبالمقابل : هو عنيف متشدد يتنطع
حتى في المباحات ، ويتوعدك بسبب ما لم يحصل بعد من النقص أو التقصير ، يرفع صوته
عليك ويجرحك بكلماته ويرى ذلك حقه كرجل .
قد يتغير بعد الزواج ، ممكن ، وقد لا يتغير أبدا ما دام لا يرى نفسه مخطئا.
هذا جزء من التحليل حسب ما ورد في حديثك عنه .
من رأينا أختنا الكريمة ،
ألا تتسرعي في إكمال زواجك من هذا الرجل ، وأن تعطي نفسك فرصة وأنت هادئة صافية
النفس والبال ، كي تُقيِّمي علاقتك به ، وتجْرُدي إيجابياته وسلبياته ، وتحاولي
الترجيح بينهما ، وأن تسعي بين هذا وذاك لتعرفي طاقة تحملك واستيعابك لقسوته وعنفه
.
قد يتغير شيء من سلوكه ، نعم ؛ لكن هذا ليس هو الاحتمال الأرجح ، خاصة فيما يتعلق
بالمزاج الشخصي ، إنه لو كان هادئا ، ودودا في هذه الفترة ، فبالإمكان توقع أن
يزداد حدة ، نوعا ما ، أن يتحول إلى شيء من الغضب ، من العصبية ، مع طول الاحتكاك ،
وتوارد المشكلات الحياتية المعتادة ؛ أما العكس : حاد المزاج الآن ، غضوب .. ،
يتحول إلى هادئ صبور ؛ فهذا ما لا نظنه ، ولا نعلمه قد كان .
حقا لا أحد يخلو من السلبيات ، لكن انظري أنت في درجة تحملك لسلبياته ، فإن كنت قادرة على الاحتمال ، فأكملي ، معه ، وقدري أنه سيبقى على حاله ، أو يزداد شيئا ؛ حتى إذا تحسن ، كنت في الأمان .
وإلا ففي تراجعك ، وأنت بعد على بر الأمان : خير لك.
وفي الأخير ، ننصحك أيتها الفاضلة بالاستخارة ، وبالانطراح بين يدي الله تعالى : أن يختار لك ما فيه خيرك ، وأن ييسر لك أمرك ، وأن يجعل لك من أمرك فرجا ومخرجا ، ويلهمك رشدك ، ويعيذك من شر نفسك .
والله أعلم .
تعليق