الجمعة 26 جمادى الآخرة 1446 - 27 ديسمبر 2024
العربية

أتلف في السابق أشياء تخص مدرسته ، فكيف يضمنها الآن ؟

194434

تاريخ النشر : 01-07-2013

المشاهدات : 8759

السؤال


شخص في جاهليته أتلف أشياء تخص المدرسة التي كان يدرس فيها عن قصد ، منها ميكروفونات ، تكسير زجاج النوافذ ، إعطاب صنابير المياه ، وإتلافها ، تحطيم بعض المعازف التي تخص حصة الموسيقى ، وأشياء من هذا القبيل ، والآن ندم وتاب إلى الله . فماذا يفعل ليرد المظالم إلى أصحابها ، ومن هم أصحابها ، وهي مؤسسة حكومية ؟ وماذا يفعل إن لم يستطع الأداء لضيق ذات اليد ؟ وهل رد المظالم تقدر بالقيمة الحالية أم القيمة وقت إتلافها ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
إتلاف الأموال والممتلكات المحترمة ، وما فيه منفعة للناس ، سواء كانت ملكيته خاصة أو عامة : هو نوع من الفساد الذي تأباه الفطر السليمة ، ويحرمه الشرع الحنيف ؛ وقد قال الله تعالى : ( وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) البقرة/60 ، وقال تعالى : ( وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) الشعراء/183 .

ثانياً :
المتلفات من حيث الضمان وعدمه قسمان :
القسم الأول : ما فيه الضمان ، وهو أن يتلف الإنسان شيئاً محترماً يجوز استعماله شرعاً ، كالأواني والسيارات والنوافذ وغير ذلك من الأشياء ، التي لم يأت الشرع بتحريم استعمالها ، فإتلاف هذا النوع من الأشياء فيه الضمان .

القسم الثاني : ما لا ضمان فيه ، وهو إتلاف ما لا يباح استعماله شرعاً ، كآلات المعازف ، والخمر ، والصليب ، فهذه لا ضمان على من أتلفها ؛ لأنه لا حرمة ولا قيمة لها شرعاً .

قال الشيخ منصور البهوتي رحمه الله :
"ومن أتلف مالا محترما لغيره بغير إذنه ضمنه ; لأنه فوّته عليه فوجب عليه ضمانه ، وغير المحترم ، كآلات لهو ، وآنية خمر ، وآنية ذهب وفضة ، وصليب وصنم ونحوها لا يضمنه متلفه ؛ لعدم احترامه " انتهى بتصرف من " كشاف القناع " (4/117) .

وعليه : فيلزمك ضمان ما أتلفته من ميكروفونات وزجاج النوافذ وصنابير المياه ؛ لأنها أشياء يجوز استعمالها شرعاً ، وأما آلات المعازف التي أتلفتها ، فلا ضمان عليك فيها ؛ لأنها غير محترمة شرعاً .

ثالثاً :
يشترط لصحة التوبة في حق من حقوق الناس : أن يرد الإنسان ذلك الحق إلى أصحابه ، أو أن يتحلل منهم – أي : يطلب منهم المسامحة – في رد ذلك الحق .

ولا فرق في الحكم بين أن تكون تلك الجهة التي وقع عليها الظلم ، جهة خاصة أو جهة حكومية ، فكلها يجب رد المظلمة عليها ، بل الخطر في الجهات العامة أشد ؛ فإن الحق الشخصي يمكن التحلل من صاحبه ، وأما هذه فليس لها صاحب معين يمكن التحلل منه .

فإذا أتلف الشخص شيئاً معيناً في أي دائرة حكومية ، فإنه يضمن ذلك الشيء المتلف لتلك الجهة التي حصل فيها الإتلاف ، فإن تعذر الوصول إلى تلك الجهة ؛ لكونها غير موجودة الآن ، فإن الضمان يصرف في مدرسة حكومية أخرى مثلها ، فإن تعذر ذلك أيضاً : صرف في مصالح المسلمين العامة ، كإصلاح الطرقات ، وبناء المدارس ، ونحو ذلك مما ينتفع به عموم المسلمين .

فإن عجز الإنسان عن رد تلك الحقوق في الوقت الحالي ، فإنها تبقى في ذمته يردها متى قدر على ذلك .
ولا يشترط أن يرد جميع ما أتلفه دفعة واحدة ، إلا إذا كان قادرا عليه ، فإن عجز عن بعضه : وجب عليه رد ما قدر عليه ، وما عجز عنه : بقي في ذمته إلى وقت القدرة .

رابعاً :
الأصل في ضمان المتلفات : أن المثلي يضمن بمثله ، وما ليس بمثلي ، فإنه يضمن بالقيمة ، وحساب القيمة إنما يكون بيوم التلف .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والقول الراجح أن المثلي ما له مثيل أو مشابه ، سواء كان مكيلاً أو موزوناً أو حيواناً أو جماداً أو مصنوعاً أو غير مصنوع ، فكل ما له مثيل أو مشابه فإنه مثلي .

وقاعدة : أن المثلي يُضمن بمثله ؛ لأن مطابقة المثلي لمثله أقوى من مطابقة القيمة للشيء ، فالقيمة تقدير وتخمين ، والمماثلة مماثلة .

فعلى هذا ، لو أن شخصاً كسر فنجالاً لشخص ، فهل نلزمه أن يأتي بفنجال مثله لصاحب الفنجال الأول ؟ على المذهب : لا ، بل له قيمة الفنجال ، وعلى القول الراجح يلزمه أن يأتي بفنجال .

قوله : ( ويضمن غير المثلي بقيمته يوم تلفه ) وذلك لأن غير المثلي تثبت القيمة من حين الغصب ، فلو تلف هذا الذي ليس بمثلي فقيمته وقت التلف ؛ لأنه قبل التلف لا يزال ملكا لصاحبه فزيادته ونقصه على صاحبه " .
انتهى بتصرف من " الشرح الممتع " (10/177 – 180) .

والحاصل ، إذا كانت تلك الأشياء المتلفة يمكن توفيرها الآن ، فعليك شراؤها وردها لتلك المدرسة ، ولا يلزمك إخبارهم بما جرى منك سابقاً ، بل يكفي أن تردها إليهم بطريقة لا تشق عليك ، ولا تحرجك .
فإن لم توجد تلك المدرسة ، وأمكن صرفها في مدرسة أخرى حكومية ، فهو المطلوب ، فإن لم يمكن ذلك – أي : توفير المثل – بأن كانت المدرسة التي حصل فيها التلف لا تقبل الأشياء العينية ، فقدر ثمن تلك الأشياء التي تلفت بسعرها يوم تلفها ، وادفعها لهم إن قبلوا ، وإلا فاصرفها في مصلحة عامة .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب