الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

عقد على زوجته وجامعها قبل الدخول فحملت , ثم مات وأهله يرفضون الاعتراف بنسب الجنين له

197757

تاريخ النشر : 24-04-2013

المشاهدات : 26503

السؤال


رجل عقد على بنت ، وقبل البناء بشهر جامعها ثم وافته المنية بعد ذلك ، وهى الآن حامل منه ، ولكن أهل الرجل وأهلها لا يعترفون بأن الجنين الذي في بطنها من الرجل المُتوفى ؟
ما حكم ذلك ؟ وما حكم الجنين الذي في بطنها ؟

الجواب

الحمد لله.


إذا عقد الرجل على المرأة العقد الشرعي المشتمل على الإيجاب والقبول بين الزوج وولي الزوجة ، بحضور شاهدين فقد تم الزواج ، وجاز لكل من الزوجين الاستمتاع بالآخر إلا الجماع ؛ فإنه يؤخر إلى الدخول , وذلك لما يلي :
أولا :
لأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا , وقد جرى العرف ألا يحدث الجماع إلا بعد الدخول , فيصير هذا كالشرط بين ولي الزوجة والزوج فيجب الوفاء به , فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ ) رواه البخاري (2721) ، ومسلم (1418) .
ثانيا :
قد يترتب على وقوع الجماع قبل الدخول بعض المفاسد ، كأن تحمِل المرأة من هذا الجماع ، وتلد قبل وقت الدخول المحدد ، فتُتَّهم في عرضها ، وقد يحصل طلاق من الزوج أو وفاة ، فيُظن أن المرأة بكر وهي ثيب ، ولذا فإن على الزوج أن يصبر حتى يتم إعلان الدخول ، وعلى المرأة أن تمتنع من جماعه لو أراد ذلك .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : ماذا يجوز للرجل من زوجته بعد عقد النكاح ، وقبل الدخول والبناء بها ؟ .
فأجاب : " يجوز له منها ما يجوز للرجال مع زوجاتهم ، لكن ينبغي أن يصبر حتى يتيسر الدخول ، فإن احتاج إلى زيارتها والاتصال بها بإذن أهلها لأمر واضح : فلا حرج في ذلك ، إذا اجتمع بها وخلا بها بإذن أهلها : فلا حرج في ذلك ، أما على وجه سرِّي لا يُعرف : فهذا فيه خطر ، فإنها قد تحمل منه ، ثم يظن بها السوء ، أو ينكر اتصاله بها ، فيكون فتنة ، وشرٌّ كبير .
فالواجب عليه أن يمتنع ، ويصبر ، حتى يتيسر الدخول ، والبناء بها ، وإذا دعت الحاجة إلى اتصاله بها ، والاجتماع بها : فليكن ذلك مع أبيها ، أو أمها ، أو أخيها ، حتى لا يقع شيء يخشى منه العاقبة الوخيمة " انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (21 / 208 , 209).
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
"إذا عقد الإنسان على المرأة 9* : فهو زوجها ، له أن يكلمها في الهاتف ، وله أن يرسل إليها الرسائل ... لا بأس أن يتصل بها ، لكن بدون جماع ؛ لأنها زوجته ، فإذا اتصل بها ، وتمتع بالجلوس معها وتقبيلها : فلا بأس ، لكن الجماع لا يجاب ؛ لأن الجماع فيه خطر ، ويؤدي إلى سوء الظن ، قد تحمِل من هذا الجماع ، وتلد قبل وقت الدخول المحدد ، فتتهم المرأة " .
انتهى من " لقاءات الباب المفتوح " ( 175 / السؤال رقم 12 ) .
لكن ما دام هذا الزوج قد وقع منه الجماع , فقد حصل منه الدخول , فينسب إليه هذا الجنين بلا خلاف , والدليل على هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " الولد للفراش وللعاهر الحجر" رواه البخاري (2053) ومسلم (1457).
والمرأة تصير فراشا بمجرد العقد مع إمكان الوطء , قال القرافي " النظر الأول : فيما تصير به الأمة فراشا، الفراش معناه أن المرأة صارت بحيث يلحق بك ولدها , ولذلك سببان: العقد في الحرة ، مع إمكان الوطء عادة " انتهى من " الذخيرة " (11 / 323).
وقال النووي رحمه الله " أما ما تصير به المرأة فراشا , فإن كانت زوجة صارت فراشا بمجرد عقد النكاح , ونقلوا في هذا الإجماع , وشرطوا إمكان الوطء بعد ثبوت الفراش" .
انتهى من " شرح النووي على مسلم " (10 / 38).
وأما باقي ما يترتب على ذلك من أحكام فيمكن إجماله فيما يلي :
1- أن زوجته هذه ترثه , لعموم قوله تعالى : ( وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) النساء/ 12.
2- تستحق الزوجة مهرها كاملا ؛ لأن المهر يتقرر كاملا إما بالدخول , أو الخلوة الصحيحة التي يمكن فيها الوطء عادة , أو الاستمتاع , أو الموت .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله " .. المهر يستقر بما يلي:
أولاً : الموت .
ثانياً: الدخول بها، أي : جماعها.
ثالثاً: أن يستحل منها ما لا يستحله إلا الزوج من التقبيل، واللمس، والنظر للفرج، وما أشبه ذلك.
رابعاً : الخلوة عن مميز ... بامرأة يُوطأ مثلها " انتهى من " الشرح الممتع " (12/309)
3- يجب على الزوجة أن تعتد من زوجها المتوفى عدة تنتهي بوضعها للحمل , لقوله تعالى ( وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ )الطلاق/4 .
وأما إنكار أهل الزوج لذلك ، فهذا يفصل فيه القضاء في بلدكم . والذي نراه أن يوسط بعض أهل الخير والنصح لذلك ، ويعرفوا حكم الشرع في مثل ذلك .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب