الحمد لله.
قول الزوج لزوجته " إذا أردت فلانا فخذيه ، وزوجته تأخذ مكانك " ليس طلاقا ولا فراقا ، إذ لا يشتمل على شيء من ألفاظ الطلاق أو كناياته ، ولا يحرِّمُ زوجته عليه ، كما أنه معلق على شرط إرادة الزوجة ، ومثل ذلك لا يوقع الطلاق .
على أننا نرى أن ذلك من تكلف القول الذي لا يحمد ، ومن آفات اللسان التي تورد المرء المهالك ؛ لما في ذلك من استخفاف بالحرمات ، واعتداء لفظي على أعراض المسلمين ، وذهاب للغيرة التي تصون الأسر المسلمة عن الفواحش ؛ فهل من المروءة ومكارم الخلق أن يحدث الرجل امرأته بأن تكون تحت رجل آخر سواه ، وفي فراشه ، ولو كان مقابل ذلك أن يأخذ هو زوجة الآخر ؟ وبأي وجه ، وأي حق : يسمح الرجل لنفسه بذلك ، ويستحل من شأن الرجل الآخر ، وامرأته : أن يكون شأنهم ، وفراشهم ، عرضة لحديثه ومزاحه مع امرأته ؟
والعشرة بالمعروف تقتضي من الزوجين أن يرضى كل منهما بالآخر ، وأن يعلم يقينا أن ما يمنيه الشيطان به من حياة سعيدة مع زوج آخر إنما هي أضغاث أحلام ، كما قال الله عز وجل : ( وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا . يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ) النساء/119-120. كما أن المناكفات اللفظية بين الزوجين قد تبلغ بهما حد المعصية ، أو طلب الوقوع في الفاحشة ، سواء وقعت على وجه المزاح أم الجد ، وأحيانا ما تكون سببا للشقاق والنزاع المؤدي إلى الفراق ، والعاقل هو الذي يسد باب الشيطان ، ويقي نفسه وأسرته ألوانا من الشرور بعمل واحد ميسور ، دلنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( امْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ ) رواه الترمذي في " السنن " (2406) وقال : حديث حسن . وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
وقد سمعنا من بعض الصالحين في زماننا من أخبر عن نفسه فقال : تزوجت منذ خمسين سنة لم أمازح زوجتي يوما أني سأتزوج عليها ؛ خوفا أن ينكسر قلبها .
فليتق امرؤ ربه أن يتكلف من القول ما لا ينبغي له ، أو ينتقل بالمزاح من الحد المعقول المباح المشروع ، إلى وجه من المزاح البعيد ، يكثر سقطه ، ويستطير شرره ، ثم لعله أن يندم يوما ، ساعة لا ينفع الندم .
والله أعلم .
تعليق