الحمد لله.
أولا :
مشاركة الشيعة في بناء هذا المسجد لا تمنع من الصلاة فيه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَأَمَّا نَفْسُ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فَيَجُوزُ أَنْ يَبْنِيَهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ ، وَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (17/ 499) .
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
هل تجوز الصلاة في مسجد بناه أحد الكفار على نفقته ؟
فأجاب : " لا بأس بذلك إذا لم يكن له غرض كالدعوة إلى الكفر أو غير ذلك ، إذا كان بناه بدون غرض فلا بأس بالصلاة فيه " انتهى باختصار .
http://islamancient.com/play.php?catsmktba=53349
فإذا صحت الصلاة بمسجد بناه كافر ، فلأن تصح بمسجد شارك في بنائه بعض أهل البدع أولى .
فقول القائل : إن الصلاة في هذا المسجد لا تجوز لأن الشيعة هم من قام ببنائه قول غير صحيح .
ثانيا :
قال تعالى : ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ) الجن/ 18 ، فيجب على المسلمين أن ينافحوا عن بيوت الله التي أذن أن ترفع ، ويذكر فيها اسمه ، وأضافها إلى نفسه إضافة تشريف ، وألا يسلموها لأهل الكفر أو أهل البدع .
فإذا ما تنازع في هذا المسجد طائفتان إحداهما ذات عقيدة سلفية صحيحة ، والأخرى ذات عقيدة منحرفة ، وجب على أصحاب العقيدة الصحيحة أن يتمسكوا به ، وألا يتركوه لأهل البدع والزيغ والانحراف ، وخاصة إذا لم يكن بالبلد إلا هذا المسجد ، ولم يمكن إنشاء غيره ، فإن أهل الإيمان متى تركوه لأهل البدعة ، صاروا بغير مسجد ، وتركوا بيت الله لهؤلاء المنحرفين يقيمون فيه البدعة ، وقد يشركون فيه بالله .
وإذا قدر أن أهل السنة لم يقدروا إلا على السيطرة على الطابق الثاني منه ، فلا شك أن ذلك أفضل لهم من ألا يكون لهم مكان ألبتة ، وخير لهم من أن يحرموا من مكان يقيمون فيه جمعتهم وجماعتهم ، وينشرون فيه دعوتهم إلى الله ، فعليهم أن يستمسكوا به وألا يتركوه ، ولا يسلموه لهذه الطائفة المنحرفة ، وصلاتهم فيه صحيحة وعبادتهم فيه مقبولة إن شاء الله ، وقد تبين من السؤال أهمية وجود أهل السنة في هذا المكان ، فقد انتقل خيرهم إلى غيرهم ، فاعتنق مذهب السلف ، وترك بدعته ، وقد قال الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/ 16.
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
" هذه الآية تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد : أنه يسقط عنه ، وأنه إذا قدر على بعض المأمور ، وعجز عن بعضه ؛ فإنه يأتي بما يقدر عليه ، ويسقط عنه ما يعجز عنه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) متفق عليه .
ويدخل تحت هذه القاعدة الشرعية من الفروع ما لا يدخل تحت الحصر " .
انتهى من " تفسير السعدي" (ص 868) .
ولا شك أن ترك هذا المكان بأيدي الرافضة ، بالكلية ، فيه من الصد عن سبيل الله ما لا يخفى على عاقل ، وسوف يكون سببا لأن يترك كثير من أهل السنة صلاة الجمعة والجماعة مطلقا ، حتى لا يصليها مع الرافضة .
وسوف يكون سببا أيضا للتمكين لأهل البدعة من إقامة بدعتهم من غير مزاحم لها ولأهلها من السنة .
ومسجد الضرار هو المسجد الذي بني كفرا ، ونفاقا ، وتفريقا لجماعة المؤمنين ، وإعانة لجماعة المنافقين والكافرين ؛ فأين هذا من مزاحمة أهل الباطل ، واستنقاذ بعض المسجد ، ليذكر فيه اسم الله ، وتعظم فيه شعائره .
وهذا كله : إذا ما قدر أن الطابقين متصلين ، بغير فاصل بينهما ؛ وإما إذا كان الطابق الثاني منفصلا عن الطابق الأول ، كما يكون المسكن فوق المسجد ، منفصلا عنه : فهو أبعد من الإشكال واللبس ، وهذان ـ حينئذ ـ مسجدان منفصلان ، لكل منهما حكمه ، بحسب ما يقصد به ، ويقام فيه من الشعائر .
راجع السؤال رقم : (143309) ، (164958) .
والله تعالى أعلم .
تعليق