الحمد لله.
من حفر بئرا في ملكه فسقط فيه إنسان أو حيوان فتلف لم يضمن إذا لم يتسبب في ذلك إلا بمجرد الحفر في ملكه ؛ لأنه غير متعد .
قال البخاري رحمه الله :
" بَابُ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ " .
ثم روى (2355) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( المَعْدِنُ جُبَارٌ، وَالبِئْرُ جُبَارٌ، وَالعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ ) .
وكذا رواه مسلم (1710) ومعنى جبار : هدر ، لا يعوض عنه .
قال النووي رحمه الله :
" الْبِئْرُ جُبَارٌ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَحْفِرُهَا فِي مِلْكِهِ ، أَوْ فِي مَوَاتٍ ، فَيَقَعُ فِيهَا إِنْسَانٌ أَوْ غَيْرُهُ ، وَيَتْلَفُ : فَلَا ضَمَانَ ، وَكَذَا لَوِ اسْتَأْجَرَهُ لِحَفْرِهَا ، فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ ، فَمَاتَ : فَلَا ضَمَانَ .
فَأَمَّا إِذَا حَفَرَ الْبِئْرَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ، فَتَلِفَ فِيهَا إِنْسَانٌ : فَيَجِبُ ضَمَانُهُ عَلَى عَاقِلَةِ حَافِرِهَا ، وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِ الْحَافِرِ ، وَإِنْ تَلِفَ بِهَا غَيْرُ الْآدَمِيِّ : وَجَبَ ضَمَانُهُ فِي مَالِ الْحَافِرِ " انتهى .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
" وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ ، أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِحَفْرِهَا ، وَإِنْ حَفَرَهَا فِي مَوَاتٍ، لَمْ يَضْمَنْ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِحَفْرِهَا " انتهى من "المغني" (8/ 424) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (15/ 88-89) :
" مِنَ الصُّوَرِ الَّتِي اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اعْتِبَارِهَا جُبَارًا : مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ ، أَوْ فِي مَوَاتٍ فَسَقَطَ فِيهِ إِنْسَانٌ ، أَوْ بَهِيمَةٌ ، فَمَاتَ أَوْ جُرِحَ ، أَوْ عَطِبَ، فَلاَ ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَسَبُّبٌ فِي ذَلِكَ أَوْ تَغْرِيرٌ " انتهى .
فعلى ما تقدم : لا ضمان عليك حيث لم يحصل منك تعد أو تفريط تؤاخذ به ، إنما التفريط من صاحب البقرة ؛ لأن عليه حفظها ، خاصة بالليل .
ولكن ينبغي عليك بعد ذلك
التحويط على الموقع ، أو تعليم البئر ، أو تغطيته ؛ لئلا يقع فيه أحد ، فإنه ربما
تسلل الصبيان إلى هناك بالليل وهم يلعبون فيقع فيه أحدهم ، فينبغي مراعاة مثل ذلك .
راجع جواب السؤال رقم : (13634)
.
والله تعالى أعلم .
تعليق