الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

كيف يتحرّى المسلم ساعة الإجابة يوم الجمعة ؟

السؤال

لي أسئلة حول هذا الحديث الشريف : ( في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي فسأل الله خيرا إلا أعطاه ) : 1) هل يجوز أن أصلي ركعتان بعد العصر لتحري إجابة الدعاء ليوم الجمعة ؟ 2) ما المقصود من الحديث " قائم يصلي " ، هل يجب علي أن أقوم أصلي ركعتان والخطيب يخطب ؟ أم ماذا أفعل ؟ 3) إذا قام العبد من أول ليلة الجمعة ، وأخذ يدعو إلى آخر الجمعة ، وهي بعد العصر. هل يعني أنه دعا بيوم الجمعة أكمله ، مع أنه سهر يوم الجمعة كله ، ولم ينم ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :
ثبت في السنة أن في الجمعة ساعة إجابة ، لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرا إلا أعطاه ، وقد اختلف العلماء في تحديد هذه الساعة ، على أكثر من أربعين قولا ، أصحها قولان : الأول : أنها من جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة ، والثاني : أنها بعد العصر ، وهذا أرجح القولين .
ثانيا :
أرجى ساعاتها آخر ساعة من يوم الجمعة ؛ لما روى أبو داود (1048) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ - يُرِيدُ – سَاعَةً ، لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا، إِلَّا أَتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
وعند أبي داود (1046) عن أبي هريرة قال : " قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: قَدْ عَلِمْتُ أَيَّةَ سَاعَةٍ هِيَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : فَقُلْتُ لَهُ : فَأَخْبِرْنِي بِهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، فَقُلْتُ: كَيْفَ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي ) ، وَتِلْكَ السَّاعَةُ لَا يُصَلِّي فِيهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ : أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ) ، قَالَ: فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ : هُوَ ذَاكَ " .
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
" روى سعيدٍ بن منصورٍ بإسناده ، عن أبي سلمة ، قال : " اجتمع ناسٌ من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فتذاكروا الساعة التي في يوم الجمعة ، فتفرقوا ولم يختلفوا أنها آخر ساعةٍ من يوم الجمعة " .
انتهى من "فتح الباري" (8/ 302-303) .
انظر إجابة السؤال رقم : (82609) ، ورقم : (114609) ، ورقم : (112165) .

ثالثا :
صلاة تحية المسجد مشروعة في كل وقت ، حتى في أوقات النهي ؛ لأنها صلاة ذات سبب ، تشرع عند حصول سببها .
راجع إجابة السؤال رقم : (306).

فلا حرج على المسلم إذا دخل بعد العصر من يوم الجمعة في أي ساعة أن يصلي تحية المسجد ، بل هذا هو المشروع في حقه . ولكن لا يشرع له أن يقوم من مجلسه فيصلي نفلا مطلقا ؛ لأن الصلاة حينئذ منهي عنها .

رابعا :
روى البخاري (935) ومسلم (852) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ ، فَقَالَ : ( فِيهِ سَاعَةٌ ، لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي ، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ) وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا " .
والمراد بقوله ( قائم يصلي ) أنه جالس في المسجد ينتظر الصلاة يذكر الله ويدعوه ؛ لأن من جلس في المسجد ينتظر الصلاة فهو في صلاة .
قال النووي رحمه الله :
" قَالَ الْقَاضِي : اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي مَعْنَى ( قَائِمٌ يُصَلِّي ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَى يُصَلِّي يَدْعُو ، وَمَعْنَى قَائِمٌ مُلَازِمٌ وَمُوَاظِبٌ ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ) " انتهى مختصرا .
وذكر نحوه في "فتح الباري" (2/ 416) ، و "مرقاة المفاتيح" (3/ 1012) .
خامسا :
ليس المراد من تحري ساعة الإجابة أن يشدد المرء على نفسه ، فيسهر ليله ويمضى نهاره كله في الدعاء ؛ فإن ذلك على صعوبته وشدته ليس من السنة .
وليس من السنة أن يقوم العبد الليل كله فيجعله للصلاة والدعاء ، إنما يقوم وينام .
كما أنه لا يشرع تخصيص ليلة الجمعة بقيام دون سائر الليالي ؛ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي ، وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ ) رواه مسلم (1144) .
وهذا يدل على أن طلب ساعة الإجابة ، وتحريها : لا يكون بمثل هذا .

ولكن لو اجتهد المسلم فجلس في المسجد من بعد صلاة الفجر إلى ما شاء الله ، ثم بكر بالذهاب إلى الجمعة في الساعة الأولى منها ، إلى أن تنقضي الصلاة مع الإمام ، ثم لزم المسجد من صلاة العصر حتى غروب الشمس يوم الجمعة : فقد صادف الساعة المرجوة ، إن شاء الله ، ويرجى له ألا يحرمه الله من بركتها .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب