الحمد لله.
وبعد فقصة سؤالك بحدّ ذاتها فيها عبرة عظيمة لكل فتاة تتبع الشهوات وتخرج عن طاعة الله وتترك أهلها وبيتها إلى المعصية وأجواء الفتنة وفي السؤال عبرة أيضاً لكل عاصٍ كي ينظر ماذا تجرّ عليه المعصية والمصائب ، ونسأل الله أن يغفر لنا ولك ولكل مسلم ومسلمة .
وأما عقد النكاح الذي تم بينكما فهو إن لم يكن بحضور وليك وموافقته – وهذا هو الظاهر – فإن هذا العقد لا يصح ، وبقاؤك معه على هذه الحال حرام ، ويحرم عليك أن تمكنيه من نفسك لأنه ليس زوجاً لك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا نكاح إلا بولي . وقوله صلى الله عليه وسلم : أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل . وأنصحك بأمور :
أولاً : عليك أن تطلبي منه تصحيح هذا الأمر ، وذلك بأن يعقد عليك عقداً جديداً بمهر وحضور الولي وشاهدين . والظاهر من كلامك أن عائلتك قد رضوا الآن بزواجك منه ، وعلى هذا فلا مانع من تصحيح هذه الوضع المحرم .وإن لم يحصل ذلك فإنه ليس زوجاً لك ، وبقاؤك معه حرام .
ثانياً : أنصحك بالصبر ، ولتحتسبي عند الله تعالى أجر ما تجدينه من المصائب والضيق ، فإن هذه المصائب تكفر عنك ما أسلفت من الذنوب . قال النبي صلى الله عليه وسلم : ما يصيب المؤمن من هم ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها عنه من خطاياه . ولسوف ينتهي الصبر بالفرج إن شاء الله تعالى ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : وأن الفرج مع الصبر .
ثالثاً : اعلمي أنه لا يصيب المرء من مكروه إلا بسبب ذنوبه ، قال الله تعالى : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) الشورى/30 .
فقد يكون ما أنت فيه من الضيق وعدم السعادة عقوبة من الله تعالى على عصيانك أهلك ، وإقدامك على هذا المحرم . ثم إن ندمك وتصحيحك لهذا الوضع إن شاء الله توبة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الندم توبة ، وإني لأرجو الله تعالى أن يزيل عنك ما تجدين من الهم والكرب بسبب هذه التوبة .
رابعاً : أكثري من بالدعاء ، واستشعري فقرك إلى الله ، واضطرارك إليه ، فإن الله تعالى يقول: ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ) النمل/62 . وقال : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) غافر/60 . وإذا وفق العبد للدعاء فإن الإجابة معه . واغتنمي مواطن الإجابة وأوقاتها كحال السجود وقبل التسليم من الصلاة ، والثلث الأخير من الليل . ويوم الجمعة لا سيما بعد صلاة العصر .
خامساً : عليك بنصح زوجك ، ولتتعاوني معه على طاعة الله تعالى ، والأخذ بيده ، وبداية حياة جديدة همكما فيها إرضاء الله تعالى .وفقكما الله تعالى إلى ما يحب ويرضى ، والله تعالى أعلم
تعليق