الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

إذا قام بمشاهدة مقطع محرم فنتج عنه زيادة عدد المشاهدين فهل يعتبر ذلك من السيئات الجارية ؟

204942

تاريخ النشر : 25-01-2015

المشاهدات : 13459

السؤال


عند مشاهدة أي فيديو في أي موقع ، فإنه تلقائيا يقوم بتسجيل أن شخصا شاهد الفيديو ، فهل إذا شاهدت فيديو غير محمود ، فهل هذا يعتبر من السيئات الجارية أم لا ؟

الجواب

الحمد لله.


لعل السائل يشير إلى ما رواه مسلم في صحيحه عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (.. وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ).
وهذا الحديث محمول على من قام بنشر السيئة ودعا لها ، فإنه يحمل وزره ووزر من عملَ بها إلى يوم القيامة ؛ لأنه المتسبب في وقوع الناس في الذنوب فحمل وزره ووزر غيره .
قال تعالى : ( وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَعَ أَثْقَالِهِمْ ) العنكبوت/13 .
قال ابن كثير رحمه الله : " إخبار عن الدعاة إلى الكفر والضلالة، أنهم يوم القيامة يحملون أوزار أنفسهم، وأوزارا أخر بسبب من أضلوا من الناس، من غير أن ينقص من أوزار أولئك شيئا " انتهى من " تفسير ابن كثير" (6/266) .

وبناء عليه : فكل من دعا إلى ضلالة ، فهو داخل في عموم ما تقدم ، ومن هذا في الحالة المذكورة : كل من شارك في إنتاج هذه الفيديو السيئ ، أو نشره بين الناس ، أو تعريف الناس به ، ودلالتهم عليه : هو ممن سن سنة سيئة ، وعليه وزرها ، ووزر من عمل بها ، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا .

وأما من اقتصر على المشاهدة ، من غير ترويج لها ولا دعوة غيره ، فإنما إثمه على نفسه هو ، ولا يحمل وزر غيره .
قال الله تعالى : (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا) الأنعام/164 ، وقال تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) الإسراء/15 .

وليحذر العبد من الاستمراء في المعاصي ، ولو كانت صغيرة ، فإن الإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة ، ويحل بالعبد عارها ، ووبالها :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ ، فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ ) .
وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلًا : ( كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلَاةٍ ، فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ فَيَجِيءُ بِالْعُودِ ، وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ ، حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا فَأَجَّجُوا نَارًا ، وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا ) رواه الإمام أحمد (3808) وغيره ، وحسنه الألباني .
فليحذر العبد الناصح لنفسه ، أن يجمع بيديه أعوادا من حطب جهنم ، فيوقد بسوء ما عمله نارا تلظى ؛ وقد قال الله تعالى : ( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ) الأنفال/50-51 .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب