الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

حكم من ذهب إلى الحج ولم يدفع تكاليف ولادة زوجته

209559

تاريخ النشر : 20-01-2014

المشاهدات : 9563

السؤال


هل يجوز للرجل أن يذهب للحج دون دفع رسوم الولادة لزوجته أو رؤية طفله والإنفاق عليه. وقد حصلت الزوجة على الخلع بعد الولادة بسبب سوء السلوك خلال عقد الزواج. فماذا سيكون وضع قبول الحج ؟

الجواب

الحمد لله.


لا يجب الحج إلا على المستطيع ، لقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ) [ آل عمران/97 ] .
ومن الاستطاعة: الاستطاعة المالية .
وضابطها : أن يكون عنده من النفقة ما يكفيه هو وأهله ، إلى أن يعود , كما سبق بيانه في الفتوى رقم (109334) .
فمن كانت زوجته على وشك الولادة ، ولم يكن معه من المال ما يكفي للحج وتكاليف الولادة : فعليه أن يؤخر الحج إلى عام مقبل , لأن تكاليف الولادة تجب على الزوج في ماله ، كما بيناه في الفتوى رقم (146851) .

فإن خالف وأخذ هذا المال الخاص بتكاليف الولادة ليحج به ، وترك زوجته هكذا دون مال : فقد ارتكب إثما ، وكان مقدار ما يجب عليه من النفقة التي أخل بها : مالا حراما ، حج به .

وقد اختلف الفقهاء في حكم من حج بمال حرام ؛ فأكثرهم يصحح الحج مع الإثم ، وهو الراجح .
قال النووي رحمه الله " إذا حج بمال حرام ، أو راكبا دابة مغصوبة : أثم ، وصح حجه ، وأجزأه ، عندنا [ يعني : في مذهب الشافعية ] ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والعبدري ، وبه قال أكثر الفقهاء" انتهى من المجموع شرح المهذب (7 / 62) .
وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم (48986) .

وذهب بعض العلماء ، كالإمام أحمد ، إلى أن حجه غير مقبول .

أما إن كان المال كافيا للحج ، وتكاليف الولادة : فعليه أن يعجِّل الحج , ولا يلزمه البقاء مع زوجته وقت ولادتها إن كان عندها من أهله أو أهلها من يقوم بها ، ويرعى شؤونها وقت ولادتها , لأن الواجب على المسلم متى كانت عنده الاستطاعة أن يبادر لأداء فريضة الحج، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ - يَعْنِي الْفَرِيضَةَ - فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ ) رواه أحمد (2721) وصححه الألباني في الإرواء (990). وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ ) حسنه الألباني في صحيح أبي داود (1524).

لكن إن لم يكن مع المرأة من يقوم بها ، وكانت ستتضرر بسفر زوجها إلى الحج لأداء الفريضة، ضرراً محققاً لا متوهماً : جاز للزوج في هذه الحال تأخير الحج إلى العام التالي ، لقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) وهو مع الخوف على أهله غير مستطيع .

وننبه السائلة إلى أنه لا يجوز للمرأة طلب الطلاق أو الخلع من زوجها إلا لسبب معتبر شرعا يمنعها من الاستمرار معه ، كسوء عشرته ، أو كونه مفرطا في حقوق الله , أو نفورها منه بحيث لا تستطيع أن تؤدي حقه ، وذلك لما روى أبو داود ) 2226 والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ ، فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن المختلعات هن المنافقات ) رواه الطبراني في الكبير (17/339) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (1934).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب