السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

لا يجوز السجود لغير الله ، ولو لمجرد الإعظام والإجلال .

السؤال

هل هناك حديث ذُكر فيه أن رجلاً سجد أمام النبي صلى الله عليه وسلم ، فأوقفه النبي صلى الله عليه وسلم ؟

الجواب

الحمد لله.

كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يجلّونه ويعظمونه ويعظمون سنته ، ولما رأى بعضهم في أول الإسلام أن أهل الكتاب يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم ، رأوا أن النبي صلى الله عليه وسلم أولى بذلك ، توقيرا له ، وتعظيما لشأنه ، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن السجود له .
فروى ابن ماجة (1853) ، والبيهقي (14711) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ : " لَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ مِنَ الشَّامِ سَجَدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: ( مَا هَذَا يَا مُعَاذُ ؟ ) قَالَ : أَتَيْتُ الشَّامَ فَوَافَقْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَبَطَارِقَتِهِمْ ، فَوَدِدْتُ فِي نَفْسِي أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ بِكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَلَا تَفْعَلُوا ، فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا ، وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ ) .
هذا لفظ ابن ماجة ، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .
والقتب : ما يوضع حول سنام البعير تحت الراكب .

وروى أبو داود (2140) ، والحاكم (2763) عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: " أَتَيْتُ الْحِيرَةَ فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانٍ لَهُمْ ( وهو الفارس الشجاع المقدم على القوم عندهم ) فَقُلْتُ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ أَنْ يُسْجَدَ لَهُ ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : إِنِّي أَتَيْتُ الْحِيرَةَ فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانٍ لَهُمْ ، فَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ أَنْ يُسْجَدَ لَكَ ، فقَالَ : ( لَا تَفْعَلُوا، لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ ، لَأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ ، لَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ حَقٍّ ) .
صححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

وروى ابن حبان (4162) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم دخل حَائِطًا مِنْ حَوَائِطِ الأَنْصَارِ ، فَإِذَا فِيهِ جَمَلانِ يَضْرِبَانِ وَيَرْعَدَانِ فَاقْتَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمَا ، فَوَضَعَا جِرَانَهُمَا بِالأَرْضِ ، فَقَالَ مَنْ مَعَهُ : سَجَدَ لَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ ، وَلَوْ كَانَ أَحَدٌ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا لِمَا عَظَّمَ اللَّهُ عَلَيْهَا مِنْ حَقِّهِ ) وحسنه الألباني في " إرواء الغليل " (7/ 54) .

فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن السجود لا يكون إلا لله ، وأن إجلال المخلوق وإكباره لا يكون بالسجود له .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" السجود لله وحده ، وشريعة محمد عليه الصلاة والسلام هي أكمل الشرائع وأتمها، فلا يجوز فيها السجود لغير الله لا تحية ولا عبادة ، أما العبادة فلا تصح إلا لله وحده في جميع الشرائع ، ولكن كان السجود فيما مضى يستعمل تحية وإكراما ، كما فعل أبوا يوسف وإخوته ، وكما فعلت الملائكة لآدم ، هذا من باب التحية والإكرام، وليس من باب العبادة ، أما في شريعة محمد عليه الصلاة والسلام ، فإن الله عز وجل منع من ذلك ، وجعل السجود لله وحده سبحانه وتعالى ، ولا يجوز أن يسجد لأحد ، لا للأنبياء ولا غيرهم ، حتى محمد عليه الصلاة والسلام ، منع أن يسجد له أحد ، وأخبر أن السجود لله وحده سبحانه وتعالى " .
انتهى باختصار من " فتاوى نور على الدرب " (4/ 112-113) .

وللتفصيل في مسألة السجود لغير الله ينظر جواب السؤال رقم : (229780)
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب