الحمد لله.
أولا :
لا يجوز للأب أن يفضل ولدا على إخوته في العطية ، بل يجب عليه العدل بين أولاده ؛ لأن التفضيل يورث الأحقاد والضغائن في النفوس ، فالعدل واجب بينهم ذكوراً وإناثاً حسب مواريثهم .
إلا أن يأذن بقية الأولاد في ذلك فيجوز .
راجع إجابة السؤال رقم : (22169) ، وإجابة السؤال رقم : (89720).
ثانيا :
إذا وهب الوالد ولده هبة جائزة ، فقبضها الولد قبضاً صحيحاً ؛ فهي للموهوب له ،
ولورثته من بعده .
ويسقط حق الواهب في الرجوع في الهبة بموته ، ولا ينتقل إلى ورثته من بعده .
كما بيناه في إجابة السؤال رقم : (182636).
فإن كان والدك قد قبض الهبة من والده ، وكانت هبة صحيحة ، قد عدل والده فيها ،
ولم يخص بها والدك دون إخوته بغير مسوغ شرعي ، أو كان وهبها له برضا إخوته : فهي
هبة صحيحة ، تنتقل إلى ملكه .
ثم إذا كان والدك بدوره قد وهبها لك ، هبة صحيحة ، وقبضتها في حياته فعلا ، بحيث
صارت في ملكك ، وأمكنك التصرف فيها حقيقة ، وليس مجرد كتابة في أوراق : فقد صارت
ملكاً تاماً لك ، ولورثتك من بعدك ، وليس لجدك حق في أن يرث منها الآن شيئاً ؛
لأنها ليست ملكا لابنه .
فإن لم يكن الوالد قد وهبها لك هبة صحيحة ، أو لم تقبضها أنت في حياته قبضاً
صحيحاً ، فهي مازالت في ملك والدك ، يرثها ورثته من بعده ، بمن فيهم جدك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَالصَّحِيحُ مِنْ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا الَّذِي خَصَّ بَنَاتَهُ
بِالْعَطِيَّةِ دُونَ حَمْلِهِ : يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ فِي
حَيَاتِهِ كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنْ
مَاتَ وَلَمْ يَرُدَّهُ : رُدَّ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ
أَيْضًا ؛ طَاعَةً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ، وَاتِّبَاعًا لِلْعَدْلِ الَّذِي أُمِرَ
بِهِ ، وَاقْتِدَاءً بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .
وَلَا يَحِلُّ لِلَّذِي فُضّلَ أَنْ يَأْخُذَ الْفَضْلَ ؛ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ
يُقَاسِمَ إخْوَتَهُ فِي جَمِيعِ الْمَالِ بِالْعَدْلِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ
" انتهى من " مجموع الفتاوى " (31/ 277).
والله أعلم .
تعليق