الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

أحكام الجعالة

21239

تاريخ النشر : 16-05-2001

المشاهدات : 107790

السؤال

هل لك أن تذكر نبذة عن أحكام الجعالة ؟.

الجواب

الحمد لله.

تسمى الجعل والجعيلة أيضاً , وهي ما يعطاه الإنسان على أمر يفعله , كأن يقول : من فعل كذا ؛ فله كذا من المال ؛ بأن يجعل شيئاً معلوماً من المال لمن يعمل له عملاً معلوماً ؛ كبناء حائط .

ودليل جواز ذلك قوله تعالى : ( ولمن جاءَ بِهِ حِمل بعيرٍ وأنا به زعيم ) يوسف/72 ؛ أي لمن دل على سارق صواع الملك حمل بعير , وهذا جعل , فدلت الآية على جواز الجعالة .

ودليلها من السنة حديث اللديغ , وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي سعيد أنهم نزلوا على حي من أحياء العرب , فاستضافوهم , فأبوا , فلدغ سيد ذلك الحي , فسعوا له بكل شيء , فأتوهم , فقالوا : هل عند أحد منكم من شيء ؟ قال بعضهم : إني والله لأرقي , ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا ؛ فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً . فصالحوهم على قطيع من غنم , فانطلق ينفث عليه ويقرأ : ( الحمد لله رب العالمين ) ؛ فكأنما نشط من عقال , فأوفوهم جعلهم , وقدموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فذكروا ذلك له , فقال : ( أصبتم ، اقتسموا و اجعلوا لي معكم سهماً ) رواه البخاري ( كتاب الإجارة/2276 ) .

فمن عمل العمل الذي جعلت عليه الجعالة بعد علمه بها ؛ استحق الجعل ؛ لأن العقد استقر بتمام العمل وإن قام بالعمل جماعة ؛ اقتسموا الجعل الذي عليه بالسوية ؛ لأنهم اشتركوا في العمل الذي يستحق به العمل العوض فاشتركوا في العوض , فإن عمل العمل قبل علمه بما جعل عليه ؛ لم يستحق شيئاً لأنه عمل غير مأذون فيه , فلم يستحق به عوضاً , وإن علم بالجعل في أثناء العمل ؛ أخذ من الجعل ما عمله بعد العلم .

والجعالة عقد جائز لكل الطرفين فسخها , فإن كان الفسخ من العامل ؛ لم يستحق شيئاً من الجعل ؛ لأنه أسقط حق نفسه ، وإن كان الفسخ من الجاعل , وكان قبل الشروع في العمل ؛ فللعامل أجر مثل عمله ؛ لأنه عمله بعوض لم يسلم له .

والجعالة تخالف الإجارة في مسائل :

1-          منها أن الجعالة لا يشترط لصحتها العلم بالعمل المجاعل عليه ؛ بخلاف الإجارة ؛ فإنها يشترط فيها أن يكون العمل المؤجر عليه معلوماً .

2-          ومنها : أن الجعالة لا يشترط لصحتها العلم بمدة العمل المجاعل عليه بخلاف الإجارة ؛ فإنها يشترط فيها أن تكون مدة العمل معلومة .

3-          ومنها : أن الجعالة يجوز فيها الجمع بين العمل والمدة , كأن يقول : من خاط هذا الثوب في يوم , فله كذا , فإن خاطه في اليوم , استحق الجعل , وإلا فلا ؛ بخلاف الإجارة ؛ فإنه لا يصح فيها بين الجمع العمل والمدة .

4-          ومنها : أن العامل في الجعالة لم يلتزم في العمل , بخلاف الإجارة ؛فإن العامل فيها قد التزم بالعمل .

5-          ومنها : أن الجعالة عقد جائز لكل من الطرفين فسخها بدون إذن الآخر , بخلاف الإجارة , فإنه عقد لازم , لا يجوز لأحد الطرفين فسخها ؛ إلا برضى الآخر .

وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أن من عمل لغيره عملاً بغير جعل ولا إذن من صاحب العمل ؛ لم يستحق شيئاً ؛ لأنه بذل منفعة من غير عوض , فلم يستحقه , ولأنه لا يلزم الإنسان شيء لم يلتزمه ؛ إلا أنه يستثنى من ذلك شيئان :

الأول : إذا كان العامل قد أعد نفسه للعمل بالأجرة كالدلال والحمال ونحوهما ؛ فإنه إذا عمل عملاً بإذن يستحق الأجرة ؛ لدلالة العرف على ذلك , ومن لم يعد نفسه للعمل , لم يستحق شيئاً , ولو أذن له ؛ إلا بشرط .

الثاني : من قام بتخليص متاع غيره من هلكة ؛ كإخراجه من البحر أو الحرق أو وجده في مهلكة يذهب لو تركه ؛ فله أجرة المثل , وإن لم يأذن له ربه , لأنه يخشى هلاكه وتلفه على صاحبه , ولأن في دفع الأجرة ترغيباً في مثل هذا العمل , وهو إنقاذ الأموال من الهلكة .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " من استنقذ مال غيره استحق أجرة المثل , ولو بغير شرط , في أصح القولين , وهو منصوص أحمد وغيره " .

وقال العلامة ابن القيم رحمه الله : " فمن عمل في مال غيره  عملاً بغير إذنه ليتوصل بذلك العمل إلى غيره أو فعله حفظاً لمال المالك وإحرازاً له من الضياع ؛ فالصواب أنه يرجع عليه بأجرة عمله , وقد نص عليه أحمد في عدة مواضع " انتهى .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: من كتاب الملخص الفقهي لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله آل فوزان