الحمد لله.
أولا :
الطلاق الرجعي هو الطلقة الأولى ، والثانية ، إذا لم يكن الطلاق على مال ( يعني : لم يكن خُلعا ) , ويترتب عليه احتساب هذه الطلقة من التطليقات الثلاث , ومشروعية مراجعة الزوجة أثناء عدتها ، ولو كان ذلك دون رضاها ، بلا عقد ولا مهر ، بل بموجب العقد الأول.
وأما الطلاق البائن فإنه ينقسم إلى قسمين : بائن بينونة كبرى ، وبائن بينونة صغرى , فالبائن بينونة كبرى هو ما استوفى الزوج فيه الثلاث تطليقات , ويترتب عليه انتهاء عقد الزواج بينهما ، فلا يجوز له أن يتزوجها مرة أخرى إلا بعد أن تنكح زوجا غيره ، نكاح رغبة لا نكاح تحليل ، ثم يطلقها أو يموت عنها .
أما البائن بينونة صغرى : فهو ما حصل الطلاق فيه على عوض , أو وقع قبل الدخول بالزوجة , أو طلقها الزوج طلقة أو طلقتين ، ولم يراجعها حتى انتهاء عدتها ، ويترتب عليه انتهاء عقد الزواج بينهما ، مع إمكانية أن يتقدم الزوج للزواج بها برضاها مرة أخرى ، بعقد ومهر جديدين , وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم : (46561) .
ومن هنا يُعلم أن هذا الطلاق الذي أوقعه صديقك على زوجته طلاق رجعي ، ما دام أنه لم يقع على مال ، ولم يكن الطلقة الثالثة ، كما هو ظاهر من سؤالك .
ثانيا :
عدة المطلقة تختلف باختلاف أحوالها , وقد سبق بيان هذه الأحوال بالتفصيل في الفتوى رقم : (12667).
وما دامت هذه المرأة تحيض ، كما في السؤال ، فإن عدتها تحسب بالحِيَض ، فالواجب عليها أن تمكث حتى تحيض ثلاث حيض ، بعد طلاقها ، ومنها هذه الحيضة التي حصلت لها في يوم الطلاق ، إن كان قد طلقها قبل أن تحيضها ، كما سيأتي ؛ فإن كان زوجها قد راجعها خلال فترة العدة ، يعني : قبل أن تحيض الحيضة الثالثة : فإنها تكون زوجته .
وأما إن كان قد راجعها بعد انتهاء العدة ، فحينئذ لا تفيد الرجعة ، وتكون قد بانت منه بينونة صغرى.
ثالثا :
اتفق الفقهاء على أن الرجعة تصح بالقول الدال عليها، كأن يقول لمطلقته : راجعتك ، أو راجعتها، واختلفوا في حصول الرجعة بالفعل ، كالوطء ومقدماته من اللمس والتقبيل والخلوة ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (23269).
وأنت قد ذكرت أن زوج صديقتك قد كتب إليها رسالة هاتفية بالرجعة , فإن كان قد نوى بهذه الرسالة الرجعة : فإنها تحصل بذلك , فقد نص أهل العلم على أن كتابة الرجعة مع النية يحصل بها الارتجاع , جاء في " إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين " (4 / 34): "ويقوم مقام اللفظ الكتابة مع النية" انتهى.
مع التنبيه على أن الرجعة كما لا يشترط فيها رضا الزوجة ، كذلك لا يشترط فيها إعلامها بالرجعة , بل لو راجعها دون علمها صحت الرجعة , ويلزمها حكم ذلك متى صدقته في دعوى الرجعة في العدة ، أو أقام هو البينة عليها .
جاء في " بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع " (3 / 181) : " وكذا إعلامها بالرجعة : ليس بشرط ، حتى لو لم يعلمها بالرجعة : جازت ؛ لأن الرجعة حقه على الخلوص ، لكونه تصرفا في ملكه بالاستيفاء والاستدامة ، فلا يشترط فيه إعلام الغير " انتهى.
رابعا:
إيقاع الطلاق في الحيض إثم ومعصية ، ومخالفة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم , أما ترتب أحكامه على الزوجة : فمحل خلاف بين أهل العلم , وقد سبق بيان هذا الخلاف ، وذكر الرأي الراجح في الفتوى رقم : (72417) .
وهذا الخلاف محله ما إذا أوقع الزوج الطلاق على المرأة حال حيضها , أما إنهاء الإجراءات الرسمية وكتابة أوراق الطلاق فلا علاقة له بالحيض أو الطهر , فلو طلقها وهي في طهر لم يجامعها فيه ، لكن أوراق الطلاق وُقِّعت وهي حائض ، فإنها تكون قد طُلّقت طلاقا سنيَّا واقعا عليها بالاتفاق ، ولو كانت قد حاضت في نفس اليوم ، بعد أن طلقها فعليا .
والله أعلم.
تعليق