الحمد لله.
أولا :
الصلاة في القبور ، وتقبيلها ، والسجود عندها ، وتعظيمها ، منكر محرم ، وهو ذريعة إلى الشرك بالله ، بل قد يصل بعض ذلك إلى الشرك الأكبر ، كأن يصلي ويقصد بصلاته القبر نفسه ، أو صاحب القبر ، أو يسجد له ، أو يجعله قبلته ، أيا كانت ناحيته ، ولا يبالي قبلة المسلمين ، ويسأله من دون الله ، فهذا ونحوه من الشرك الأكبر المخرج عن الملة .
فمن صلى أو سجد لله عند القبور : ففعله محرم ، وهو ذريعة إلى الشرك الأكبر .
أما من صلى أو سجد للقبر أو لصاحب القبر : فقد أشرك الشرك الأكبر والعياذ بالله .
وقد روى البخاري (1390) ، ومسلم (529) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ : ( لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ ) ، لَوْلاَ ذَلِكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ - أَوْ خُشِيَ - أَنَّ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا " .
وعَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلا تُصَلُّوا إِلَيْهَا ) رواه مسلم (972) .
وروى البخاري (434) ، ومسلم (528) عَنْ عَائِشَةَ : " أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنِيسَةً رَأَتْهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ ، فَذَكَرَتْ لَهُ مَا رَأَتْ فِيهَا مِنْ الصُّوَرِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمْ الْعَبْدُ الصَّالِحُ أَوْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ ) " .
وكل صلاة في المقبرة ، ما عدا صلاة الجنازة ، باطلة لا تصح .
انظر جواب السؤال رقم : (13490) .
ثانيا :
تقبيل الأضرحة والقبور منكر محرم أيضا ، وهو ذريعة إلى الشرك .
وقد جاءت نصوص الشريعة بالنهي عن تجصيص القبور ، والبناء عليها ، وتشييدها . ونص
أهل العلم على النهي عن الكتابة عليها وزخرفتها وتزيينها ، انظر جواب السؤال رقم :
(126400) .
قال ابن باز رحمه الله :
" تقبيل القبر ، أو تقبيل الشباك ، أو التمسح بالقبر: كل هذا لا يجوز " .
انتهى من " فتاوى نور على الدرب" (ص 277) .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
" يحرم تقبيل أعتاب مدخل الحسين والسيدة زينب وغيرهما والمقصورة ؛ لما فيه من
الخضوع لغير الله ، وتعظيم الجمادات والأموات تعظيما لم يشرعه الله ، ولأن ذلك من
وسائل الشرك بأصحاب القبور ، وهكذا التوسل بذواتهم ، أو حقهم وجاههم ، أما طلب
المدد والعون منهم : فهو شرك أكبر " .
انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة" (1/ 406) .
ومن قبّل القبور وعظمها ، واعتقد أنها تجلب النفع أو تكشف الضر : فقد كفر كفرا
أكبر.
ثالثا :
تقبيل أيدي أهل العلم والمشايخ وكبار السن ، وتقبيل رءوسهم : لا بأس به إذا كان على
وجه الاحترام والإجلال ، ولم يؤد إلى مفسدة ظاهرة .
على أن لا يتخذ ذلك عادة وسنة ، وإنما السنة الراتبة في ذلك : السلام والمصافحة .
راجع جواب السؤال رقم : (20243) ، (130154)
، (207107) .
أما تقبيل أيدي جهلة الصوفية
وأرجلهم : فلا يجوز ؛ لما يتضمنه من توقير وإجلال أهل البدعة ، وترويج حالهم في
الناس ، واغترارهم بهم .
وقد قال أبو إسحاق الهمداني والفضيل بن عياض وغير واحد من السلف : " مَنْ وَقَّرَ
صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الْإِسْلَامِ " .
انظر: "كتاب القدر" للفريابي (ص 251) ، "المجالسة وجواهر العلم" (1/ 414) ، "معجم
ابن الأعرابي" (3/ 927) .
وينظر جواب السؤال رقم : (107283) .
والواجب وعظ هؤلاء الذين يرتادون القبور ، ويصلون عندها ، ويعظمون مشايخ البدعة ، وتوجيههم إلى صراط الله المستقيم ، وتعريفهم بمنهج أهل السنة والجماعة ، القائم على توحيد الله ، وطاعة الله ورسوله .
رابعا :
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم زار قبر أمه ، فروى مسلم (976) عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي،
وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي ) .
ولم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم زار قبر أبيه ، ولا علمناه جاء في رواية .
انظر جواب السؤال رقم : (11890) .
والله تعالى أعلم .
تعليق