الحمد لله.
أولا :
نهنئك على توبتك وندمك على ما فعلت ونسأل الله تعالى أن يتقبل منك .
ثانيا :
الواجب على من أخذ حق غيره أن يتوب إلى الله ويرد الحق إلى صاحبه بأية وسيلة ، ولا تصح توبته إلا بذلك ، فإن كان صاحب الحق ميتا رده على ورثته من بعده .
وقد أحسنت بإرسال المال إلى صاحبه في رسالة ، غير أنك تذكر أنك تشك في وصول الرسالة إليه واستلامه أو ورثته لها .
ومن ثبت عليه حق لأحد فلا تبرأ ذمته من هذا الحق إلا إذا أداه بيقين ، بلا شك .
وعلى هذا ، فلا تبرأ ذمتك حتى تتأكد من استلام صاحب المطعم أو ورثته لهذا المال .
فإن أمكنك التأكد من ذلك فالحمد لله ، وإن لم يمكنك التأكد فعليك إعادة إرساله مرة أخرى ، وليكن ذلك عن طريق إحدى الشركات التي ترد على المرسل بأن رسالته قد وصلت واستلمها فلان ، فإن لم يستلمها أحد فإن شركة البريد تعيدها إلى المرسل .
وما دمت تريد راحة البال والتخلص من الشعور بالإثم الذي شق عليك فنحن نذكرك بهذا الحديث حتى تقتدي بذلك الرجل الصالح .
روى أحمد (8381) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسَلِّفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ ؟ ، قَالَ : ائْتِنِي بِشُهَدَاءَ أُشْهِدُهُمْ ، قَالَ : كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ، قَالَ : ائْتِنِي بِكَفِيلٍ ، قَالَ : كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا ، قَالَ : صَدَقْتَ ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلْأَجَلِ الَّذِي كَانَ أَجَّلَهُ ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا ، فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا وَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً مَعَهَا إِلَى صَاحِبِهَا ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا ثُمَّ أَتَى بِهَا الْبَحْرَ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَدْ عَلِمْتَ أَنِّي اسْتَلَفْتُ مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِينَارٍ ، فَسَأَلَنِي كَفِيلًا فَقُلْتُ : كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا ، فَرَضِيَ بِكَ ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا ، فَقُلْتُ : كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ، فَرَضِيَ بِكَ ، وَإِنِّي قَدْ جَهِدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إِلَيْهِ بِالَّذِي لَهُ فَلَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا ، وَإِنِّي اسْتَوْدَعْتُكَهَا ، فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ ، ثُمَّ انْصَرَفَ يَنْظُرُ ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَطْلُبُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا يَجِيءُ بِمَالِهِ ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ ، فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا ، فَلَمَّا كَسَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ ، ثُمَّ قَدِمَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ تَسَلَّفَ مِنْهُ فَأَتَاهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ ، وَقَالَ : وَاللَّهِ ، مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لِآتِيَكَ بِمَالِكَ ، فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي أَتَيْتُ فِيهِ ، قَالَ : هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ ؟ قَالَ : أَلَمْ أُخْبِرْكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ هَذَا الَّذِي جِئْتُ فِيهِ ، قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ بِهِ فِي الْخَشَبَةِ ، فَانْصَرِفْ بِأَلْفِكَ رَاشِدًا) . ورواه البخاري في كتاب الحوالات ، باب الكفالة في القرض والديون بالأبدان
وورد أنه كتب في تلك الصحيفة : ( مِنْ فُلَان إِلَى فُلَان , إِنِّي دَفَعْت مَالك إِلَى وَكِيلِي الَّذِي تَوَكَّلَ بِي ) .
وفقك الله تعالى وتقبل منك .
والله تعالى أعلم .
تعليق