الحمد لله.
أولا :
الصداق - ويسمى المهر - لا بد منه في النكاح ؛ لقوله تعالى : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) النساء/4 ، و (نِحلة ) : أي : عطية واجبة عن طيب نفس ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد النكاح : ( اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ ) رواه البخاري (5121) ، ومسلم (1425).
وقد جاءت السنة المطهرة باستحباب تيسير المهر على الخاطب , وقد سبق بيان ذلك بأدلته في الفتوى رقم : (10525) .
والناس يختلفون في المهر بحسب الأعراف ، فمنهم من يجعل المهر نقودا ، ومنهم من يجعله ذهبا ، ومنهم من يجعله مكونا من ثلاثة أشياء : ذهب ، ونقود معجلة أو مؤجلة ، وقائمة بالأثاث أو العفش ، ولا حرج في ذلك كله ، ما دام قد حصل التراضي عليه من الطرفين .
كذلك يجوز أن يكون المهر منفعة , جاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " (39 / 104) : " ذهب المالكية في المشهور والشافعية والحنابلة : إلى أنه يجوز أن تكون المنفعة صداقا " انتهى.
وعليه : فيجوز لك أن تشترطي على زوجك أن يكون مهرك خادمة ، يستأجرها لك لتخدمك طوال الوقت , ولك أن تكتفي بهذا المهر ، ولك أن تطالبي معه بشيء آخر كالذهب أو الأثاث ، وكلما كان المهر سهلا ميسرا كان أفضل .
ثانيا :
الصداق حق للمرأة , والدليل على ذلك قوله تعالى : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) النساء/4 ، جاء في " تفسير القرطبي " (5 / 23) : " وَالْخِطَابُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِلْأَزْوَاجِ ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وغيره ؛ أَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ يَتَبَرَّعُوا بِإِعْطَاءِ الْمُهُورِ نِحْلَةً مِنْهُمْ لِأَزْوَاجِهِمْ ، وَقِيلَ: الْخِطَابُ لِلْأَوْلِيَاءِ ، وَكَانَ الْوَلِيُّ يَأْخُذُ مَهْرَ الْمَرْأَةِ ، وَلَا يُعْطِيهَا شَيْئًا ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ ، وَأُمِرُوا أَنْ يَدْفَعُوا ذَلِكَ إِلَيْهِنَّ " انتهى .
وإذا كان المهر حقا للمرأة فيترتب على ذلك أنه يجوز لها بعد العقد أن تتنازل عن جميع الصداق أو عن بعضه ، بشرط أن تكون رشيدة , جاء في " المغني " لابن قدامة (7 / 255) : " وَإِذَا عَفَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ صَدَاقِهَا الَّذِي لَهَا عَلَى زَوْجِهَا ، أَوْ عَنْ بَعْضِهِ ، أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ ، وَهِيَ جَائِزَةُ الْأَمْرِ فِي مَالِهَا : جَازَ ذَلِكَ وَصَحَّ ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ( إِلا أَنْ يَعْفُونَ ) [البقرة: 237] يَعْنِي : الزَّوْجَاتِ ، وَقَالَ تَعَالَى: (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) [النساء: 4]" انتهى .
والأولى – الآن- أنها لا تفعل ذلك إلا بمشورة أهلها ، لاسيما إذا كان ذلك في بداية الزواج ، لأنه في مثل هذه المسائل قد يكون الأب أبعد نظرا من المرأة ، وأدرى بمصلحتها ، ولأن عدم مشورة أهلها في ذلك قد تكون سببا لحصول نزاع بينها وبينهم ، وكل ما يكون سببا للاجتماع والألفة فالله تعالى يأمر به ، وما يكون سببا للنزاع والخصام فالله ينهى عنه .
والله أعلم.
تعليق