الجمعة 26 جمادى الآخرة 1446 - 27 ديسمبر 2024
العربية

هل يجوز الشرب من فضل الوضوء إذا قطر فيه الماء من الفم أو الأنف أو غير ذلك من أعضاء الوضوء ؟

217921

تاريخ النشر : 15-06-2014

المشاهدات : 40805

السؤال


هل ينبغي علينا شرب بقايا ماء الوضوء ؟ وماذا لو سقطت بعض القطرات من الجسم كالأنف أو الفم في هذا الماء ، هل يجوز شربه في هذه الحالة أم يصبح الماء غير طاهر للشرب ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
الماء المتبقي على الجسد من أثر الغسل أو الوضوء لا يخرج عن أصله وهو الطهارة ، وقد أجمع أهل العلم على أن الرجل المحدث الذي لا نجاسة على أعضائه لو صُب ماءٌ على وجهه أو ذراعيه ، فسال ذلك عليه وعلى ثيابه : أنه طاهر .
انظر جواب السؤال رقم : (197361) .
روى البخاري (5616) عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ ، ثُمَّ قَعَدَ فِي حَوَائِجِ النَّاسِ فِي رَحَبَةِ الكُوفَةِ ، حَتَّى حَضَرَتْ صَلاَةُ العَصْرِ ، ثُمَّ أُتِيَ بِمَاءٍ ، فَشَرِبَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ، وَذَكَرَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ ، ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهُوَ قَائِمٌ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قِيَامًا ، وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ " .
ورواه النسائي (136) ، وأحمد (971) عَنْ أَبِي حَيَّةَ قَالَ : " رَأَيْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ، ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَ وَضُوئِهِ ، وَقَالَ : (صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا صَنَعْتُ ) " وصححه الألباني في "صحيح النسائي" .
فهذا دليل واضح على جواز الشرب من فضل الوضوء .
قال العيني رحمه الله :
" الْمرَاد من فضل الْوضُوء يحْتَمل أَن يكون مَا يبْقى فِي الظّرْف بعد الْفَرَاغ من الْوضُوء ، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ المَاء الَّذِي يتقاطر عَن أَعْضَاء المتوضئ ، وَهُوَ المَاء الَّذِي يَقُول لَهُ الْفُقَهَاء : المَاء الْمُسْتَعْمل " انتهى  من "عمدة القاري" (3/ 73) .
وقال ابن بطال رحمه الله :
" ... قال المهلب : هذا الباب كله يقتضى طهارة فضل الوضوء ، وهو الماء الذى يتطاير عن المتوضئ ، ويجمع بعدما غسل به أعضاء الوُضُوء " انتهى  من "شرح صحيح البخارى" (1/ 289) .

ثانيا :
هل يستحب الشرب من فضل الوضوء ؟
جاء في " الموسوعة الفقهية " (43/ 378) :
" نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ مِنْ مُسْتَحَبَّاتِ الْوُضُوءِ أَنْ يَشْرَبَ الْمُتَوَضِّئُ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنَ الْوُضُوءِ ، مِنَ الْمَاءِ الَّذِي زَادَ فِي الإْنَاءِ ، لِمَا وَرَدَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُهُ .
قَال الْكَمَال : يَشْرَبُ الْمُتَوَضِّئُ فَضْل وُضُوئِهِ ، قَائِمًا مُسْتَقْبِلاً ، قِيل : وَإِنْ شَاءَ قَاعِدًا .
وَقَال الْحَصَكْفِيُّ وَابْنُ عَابِدِينَ وَغَيْرُهُمَا : يَشْرَبُ الْمُتَوَضِّئُ بَعْدَ الْوُضُوءِ مِنْ فَضْل وُضُوئِهِ ـ
التَّشْبِيهُ فِي الشُّرْبِ مُسْتَقْبِلاً قَائِمًا ، لاَ فِي كَوْنِهِ بَعْدَ الْوُضُوءِ ـ مُسْتَقْبِل الْقِبْلَةِ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا .
وَيَقُول عَقِبَ الشُّرْبِ : اللَّهُمَّ اشْفِنِي بِشِفَائِكَ ، وَدَاوِنِي بِدَوَائِكَ ، وَاعْصِمْنِي مِنَ الْوَهَل وَالأْمْرَاضِ وَالأْوْجَاعِ . قَال فِي الْحِلْيَةِ : وَالْوَهَل هُنَا ـ بِالتَّحْرِيكِ ـ الضَّعْفُ وَالْفَزَعُ ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا الدُّعَاءِ مَأْثُورًا ، وَهُوَ حَسَنٌ " انتهى .

لكن : ليس هناك ما يدل على استحباب ذلك ، وخاصة هذا الدعاء ، فقد نص من ذكره من الفقهاء على أنه لم يره مأثورا .

والراجح - والله أعلم - أن الشرب من فضل الوضوء جائز ، ولا دليل على الاستحباب ، والظاهر أنه حصل من النبي صلى الله عليه وسلم اتفاقا ، وإنما ذكر علي رضي الله عنه هذا الحديث لبيان جواز الشرب قائما ، لا لبيان فضيلة الشرب من فضل الوضوء ؛ فقد تقدم حديث البخاري (5616) وفيه : " ... ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهُوَ قَائِمٌ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قِيَامًا ، وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ ".
وأورده البخاري في " بَابُ الشُّرْبِ قَائِمًا "
ورواه أحمد (943) عن عبد خير عن عليّ وفيه : ... " ثُمَّ شَرِبَ فَضْلَ وَضُوئِهِ وَهُوَ قَائِمٌ ، ثُمَّ قَالَ: " أَيْنَ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَشْرَبَ قَائِمًا ؟ "
وحسنه محققو المسند .

وحاصل ذلك كله أن يقال :
الشرب من فضل الوضوء - وهو الماء المتبقي في الإناء بعد الوضوء – جائز ، لا حرج فيه ، ولو قطر فيه الماء من الجسم ، من الأنف أو الفم أو أي عضو من الأعضاء ، بعد الوضوء أو أثنائه لم يضره ذلك ، ولم يمنع من شربه ، متى قبلته نفسه ، ولم يستقذره طبعه .
فإن عافه وكره شربه : فلا حرج عليه في ذلك أيضا ، وليس فيه ترك سنة ، ولا خلاف فضيلة .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (106643) ، (135281) .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب