السبت 11 شوّال 1445 - 20 ابريل 2024
العربية

هل يؤثر النظر إلى ما حرم الله على العقل ودرجة الذكاء ؟

218305

تاريخ النشر : 08-06-2014

المشاهدات : 33584

السؤال


هل صحيح شرعا أن النظر إلى الحرام -عافانا الله- ينقص الذكاء والعقل ؟ هل هي نتيجة حتمية وسبب مباشر كقولنا إذا رميت بحجر فإنه سيسقط إلى الأرض .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لا شك أن فعل المعصية له أثره السيء على العاصي في دنياه قبل أخراه ، ولو تأمل العبد فيما يصيبه من نكد الدنيا وضيق العيش وحصول الكرب والهم والغم لعلم أن ذلك إنما هو بسبب اقترافه للمعصية ، ووقوعه فيما حرم الله عليه ، قال الله تعالى : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) الشورى/30 ، وقد تقدم في إجابة السؤال رقم : (83287) ذكر بعض آثار المعاصي السيئة على أصحابها .
قال ابن القيم رحمه الله :
" فَكُلُّ نَقْصٍ وَبَلَاءٍ وَشَرٍّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَسَبَبُهُ الذُّنُوبُ ، وَمُخَالَفَةُ أَوَامِرِ الرَّبِّ ، فَلَيْسَ فِي الْعَالَمِ شَرٌّ قَطُّ إِلَّا الذُّنُوبَ وَمُوجِبَاتِهَا.
وَآثَارُ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ فِي الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ وَالْأَمْوَالِ أَمْرٌ مَشْهُودٌ فِي الْعَالَمِ ، لَا يُنْكِرُهُ ذُو عَقْلٍ سَلِيمٍ ، بَلْ يَعْرِفُهُ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ ، وَالْبَرُّ وَالْفَاجِرُ " انتهى من " مدارج السالكين" (1/ 424) .
فكل نقص سببه الذنوب ، نقص الأموال ، نقص الصحة ، نقص الأمن ، نقص الإيمان ، نقص العقل ... إلخ ، والمعاصي تؤثر في القلب وتفسده ، وإذا فسد القلب فسد جميع البدن ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ ) رواه البخاري (52) ، ومسلم (1599) .
بل المعصية تدل على نقص عقل صاحبها . لأنه لو كان كامل العقل لنظر في العاقبة ، ولتفكر فيما بعد المعصية ، كيف يستجيب لشهوة ساعة ويعرض نفسه لعذاب لا يطيقه الإنسان أبدا ؟! كيف يتلذذ ساعة ويعرض نفسه لغضب الله وسخطه وانتقامه ؟!
ولذلك وصف الله تعالى أعداءه بقوله : ( لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا ) الأعراف/179 ، وبقوله : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ) الأنفال/65 ، وسوف يعترف أهل النار – وهم في النار- أنهم في الدنيا لم يكونوا يعقلون : ( وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ ) الملك/10-11 ، ولكنه اعتراف بعد فوات الأوان .
وقد وصف الله تعالى تلك القلوب التي تتعلق بالنساء الأجانب بالقلوب المريضة ، فقال تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) الأحزاب/ 32 .
وقد جاء في بعض الدراسات الحديثة التي أجراها أحد الباحثين على طلاب وطالبات في الجامعة أن مجرد حضور النساء الفاتنات والحديث معهن يسبب التشويش للرجال ويضعف الذاكرة لديهم ويخفض أداءهم العقلي بشكل كبير.
وأنه كلما كانت زينة المرأة وفتنتها أكبر كان التأثر بها أكبر، ويفسرون هذه الظاهرة بأن خلايا الدماغ التي تقوم بمعالجة المعلومات واتخاذ القرار تتأثر بحضور المرأة والنظر إليها والحديث معها. فتنشغل بها فلا يتمكن الرجل من اتخاذ قرار صائب ، على الأقل خلال وبعد النظر بفترة ، حتى يزول التأثير .
http://kaheel7.com/pdetails.php?id=1287&ft=22
فإذا صح ما جاء في هذه الدراسة وأن سبب ذلك هو انشغال الفكر فقد يكون هناك سبب آخر وهو أن ذلك عقاب من الله تعالى للعاصي على معصيته .
والعقاب على هذه المعصية بهذه العقوبة أو غيرها ليس أمرا حتميا ، فقد يعاقب الله تعالى العاصي بما يشاؤه الله من العقاب ، وقد يرفع عنه العقاب ، وهناك أسباب كثيرة لرفع العقاب عن العاصي ، من التوبة والاستغفار والحسنات التي تمحو السيئات ودعاء المؤمنين له ... إلخ .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب