الحمد لله.
ينبغي للمسلم أن يشغل فكره فيما ينفعه من المسائل ، وما يرجع عليه بالفائدة في الدين والدنيا ، لأنه ليس كل العلوم والمعلومات مفيدة للإنسان ، فالعلم الديني النافع : هو أن يجتهد المسلم في فهم كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم يسعى للعمل بما جاء فيهما .
قال ابن رجب رحمه الله تعالى :
" فالذي يتعين على المسلم الاعتناء به والاهتمام أن يبحث عما جاء عن الله ورسوله ، ثم يجتهد في فهم ذلك ، والوقوف على معانيه ، ثم يشتغل بالتصديق بذلك إن كان من الأمور العلمية ، وإن كان من الأمور العملية بذل وسعه في الاجتهاد في فعل ما يستطيعه من الأوامر ، واجتناب ما ينهى عنه ، وتكون همته مصروفة بالكلية إلى ذلك ؛ لا إلى غيره . وهكذا كان حال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان في طلب العلم النافع من الكتاب ، والسنة .
فأما إن كانت همة السامع مصروفة عند سماع الأمر والنهي إلى فرض أمور قد تقع ، وقد لا تقع ، فإنّ هذا مما يدخل في النهي ، ويثبط عن الجد في متابعة الأمر " .
انتهى من " جامع العلوم والحكم " ( 1 / 225 ) .
أما جواب سؤالك :
فقد ورد في بعض الأحاديث : تفضيل المرأة المؤمنة في الجنة على الحور العين ، لكن
هذه الأحاديث ضعفها أهل العلم . فليس هناك ، فيما نعلم : حديث صحيح عن النبي صلى
الله عليه وسلم يثبت ذلك أو ينفيه .
وبعض أهل العلم يرى أن نساء الدنيا في الجنة : خير من الحور العين .
وقد سُئل الشيخ ابن عثيمين
رحمه الله تعالى : هل المرأة الصالحة في الدنيا تكون من الحور العين في الآخرة ؟
فأجاب :
" المرأة الصالحة في الدنيا- يعني: الزوجة- تكون خيراً من الحور العين في الآخرة ،
وأطيب وأرغب لزوجها ، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر أن أول زمرة تدخل
الجنة على مثل صورة القمر ليلة البدر" .
فضيلة الشيخ : هل الأوصاف التي ذكرت للحور العين تشمل نساء الدنيا في القرآن؟
فأجاب : الذي يظهر لي أن نساء الدنيا يكُن خيراً من الحور العين حتى في الصفات
الظاهرة . والله أعلم " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " ( 4 / 2 ترقيم الشاملة )
.
لكن مما ينبغي أن ننتبه إليه
: أن المفاضلة المطلوبة ، والتي على كل مسلم ومسلمة أن يعتني بمعرفتها ؛ هي
المفاضلة بين الناس في الآخرة ، فهناك أهل الجنة ، نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم
، وهناك أهل النار ، نعوذ بالله أن نكون منهم .
وكل من أهل الجنة وأهل النار متفاوتون فيما هم فيه من النعيم أو العذاب ، بحسب
أعمالهم ؛ والله يعلم المفسد من المصلح ؛ فينبغي الاهتمام بهذا التفاضل والتفاوت ،
ومعرفة أسبابه ، وكيف يبلغ جهده من الاستكثار من الخيرات .
وقد اعتنت نصوص الشريعة ببيان ذلك ، لما له من أثر في دفع الناس للعمل والاجتهاد في
طاعة الله ، والبعد عن معصيته ، والحث على التنافس والتسابق في ذلك .
قال الله تعالى : ( إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ، عَلَى الْأَرَائِكِ
يَنظُرُونَ ، تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ، يُسْقَوْنَ مِن
رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ ، خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ
الْمُتَنَافِسُونَ ) المطففين/22 – 26.
والله أعلم .
تعليق