الحمد لله.
أولا :
روى مسلم ( 2789 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَقَالَ : ( خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَام بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ ) .
وهذا الحديث قد أعله غير واحد من أهل العلم ، وحكموا عليه بعدم صحة نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبأنه من الإسرائيليات التي أخطأ بعض الرواة وجعلها حديثا عن الرسول صلى الله عليه وسلم . وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم : (119516) ، والسؤال رقم : (145806) .
وإذا لم يثبت أن هذا الحديث قد قاله الرسول صلى الله عليه وسلم فلا ننشغل بكلام الملحدين عليه ، لأن الجدال إنما يكون في شيء قد ثبت أنه من الدين ، وهذا الحديث ليس كذلك .
ثانيا :
على افتراض صحته وثبوته : فخلْق الشجر يوم الاثنين لا ينافي خلق النور يوم الأربعاء ، ومن زعم أنه ينافيه لاحتياج الشجر إلى النور للنمو فقوله غير صحيح ، لما يأتي :
أن هذا خلق الله ، يخلق ما يشاء ، فلا تحكمه قوانين الطبيعة لأنه سبحانه على كل شيء قدير ، وقد خلق هذا الخلق الهائل من العدم ، وهذا خلاف على خلاف ما يعهده الناس ويعلمونه .
وهذه القوانين التي تحكم الكون والمخلوقات كلها ، الذي جعلها قوانين ثابتة مطردة هو الله تعالى ، فإذا أراد أن يفعل شيئا خلاف هذه القوانين فمشيئته تعالى نافذة لا يقف أمامها شيء ، وقد فعل الله تعالى ذلك ، عملناه وعلمه الناس .
فالإنسان لكي يخلق يحتاج إلى حيوان منوي وبويضة ثم يكون التلقيح والحمل حتى يكون بشرا سويا .
ولكن ، هذا آدم عليه السلام أبو البشر ، خلقه الله تعالى من طين ، وهذه حواء زوجه أم البشر خلقها الله تعالى من ضلع آدم ، وهذا المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام خلقه الله من أم بلا أب .
وهذه نار إبراهيم عليه السلام التي ألقي فيها ، سلبها الله تعالى خاصية الإحراق وجعلها عليه بردا وسلاما .
كيف وقع كل ذلك على قوانين الطبيعة ؟
وأيضاً :
لا يمكن - عن طريق العلم الحديث أو غيره - إثبات أن أول الخلق كانت تحكمه القوانين
التي يعرفها الناس لأن كل هذه المخلوقات ؛ السموات والأرض والجبال والبحار والبشر
والحيوانات والنباتات ... إلخ ، كل ذلك قد وجد من عدم ، فلم يمر بمراحل خاضعة
لقوانين معينة حتى وجد على هذه الصورة ، وإنما خلقه الله تعالى بقوله : كن ، قال
تعالى : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ
فَيَكُونُ) يس/82.
والله أعلم .
تعليق