السبت 27 جمادى الآخرة 1446 - 28 ديسمبر 2024
العربية

حكم إجارة الأرض لمن يزرعها

219807

تاريخ النشر : 17-09-2014

المشاهدات : 16036

السؤال


فلاح يكري عشب أرضه بثمن معلوم لشخص آخر عنده مواشي ، مدة سنة ، فهل يجوز ذلك ؟ لأني قرأت حديثا معناه : إن المسلمين يجتمعون في الكلأ والماء والنار .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
الحديث المذكور ، أخرجه أبو داود : " عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا أَسْمَعُهُ ، يَقُولُ: " الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ : فِي الْكَلَإِ ، وَالْمَاءِ ، وَالنَّارِ " .
أخرجه برقم (3477) ، وصححه الألباني في " إرواء الغليل " (6/7) ، والمراد بالنار : الحطب .
ثانيا :
العشب النابت في الأرض له حالان :
الحال الأولى :
أن يكون ما ينبت في الأرض ، إنما ينبت بفعل الله ، دون سقي ، أو تعهد واستصلاح ، ونحو ذلك مما يحتاجه بنات الأرض ؛ فهذا لا تجوز إجارته ، ولا بيعه ، ولو كان نابتا في ملك خاص ، على الراجح من قولي العلماء ، ما دام أنه باق على حاله دون حيازة ؛ لأن الناس شركاء فيه ، بنص الحديث السابق .
ومالك الأرض : أحق به إن كان محتاجا إليه ، بلا ريب ، وله منع الناس منه .
فإن لم يكن محتاجا إليه ، أو فضل منه شيء عن حاجته : فليس له منع الناس منه ، ما دام في منبته .
فإن أخذه من منبته ، وحازه إليه : جاز له بيعه ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لَأَنْ يَحْتَزِمَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ، فَيَحْمِلَهَا عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلًا، يُعْطِيهِ أَوْ يَمْنَعُهُ " مسلم (1042).
وقال بعض أهل العلم : يجوز بيع ما نبت في الأرض المملوكة ، ولو نبت دون سقي أو استصلاح ، واشتراك الناس إنما يكون في كلأ الأرض المباحة التي لا مالك لها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " النبات الذي ينبت بغير فعل الآدمي ، كالكلأ الذي أنبته الله في ملك الإنسان أو فيما استأجره ونحو ذلك ، فهذا لا يجوز بيعه في مذهب أبي حنيفة وأحمد في المشهور عنه ، وهو قول بعض أصحاب مالك والشافعي ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الناس شركاء في ثلاث : في الماء والكلأ والنار ) .
ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد ما ينبت في الأرض المباحة فقط ; لأن الناس يشتركون في كل ما ينبت في الأرض المباحة من جميع الأنواع : من المعادن الجارية ; كالقير والنفط ، والجامدة : كالذهب والفضة والملح وغير ذلك ؛ فعلم أنه أراد ما ينبت في أرض الإنسان .
وأيضا فقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : رجل على فضل ماء يمنعه ابن السبيل فيقول الله له اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمله يداك ...) إلى آخر الحديث ، قال : فهذا توعده الله بالعذاب ; لكونه منع فضل ما لم تعمل يداه ، والكلأ الذي ينبت بغير فعله لم تعمله يداه " . انتهى من " مجموع الفتاوى " (29/218) .
الحال الثانية :
أن يكون العشب ينبت بفعل الآدمي ، من سقي واستصلاح للأرض ونحو ذلك ، فهذا مختص به ، يجوز له بيعه ، أو إجارة أرضه ، ونحو ذلك .
وإذا كان ثم إجارة ، فإنما تكون على الأرض ، لا على العشب ؛ قال في "الشرح الكبير" (6/235) : "لأن الإجارة بيع المنافع فأما الأجزاء فلا تدخل في الإجارة فلا يصح إجارة الطعام للأكل ولا الشمع ليشعله لأن هذا لا ينتفع به إلا بإتلاف عينه فلم يجز كما لو استأجر ديناراً لينفقه" انتهى .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب