الحمد لله.
أولا :
روى البخاري (1144) ومسلم (774) والنسائي (1608) وابن حبان (2562) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقِيلَ: مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ، مَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَقَالَ: (ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ)
اختلف أهل العلم في المقصود بقوله : (مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ) :
- فقيل : نام عن التهجد وقيام الليل :
فبوب له النسائي : " بَابُ التَّرْغِيبِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ " .
وبوب له ابن حبان : " ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنْ كَثْرَةِ التَّهَجُّدِ بِاللَّيْلِ وَتَرْكِ الِاتِّكَالِ عَلَى النَّوْمِ " .
وبوب له المنذري في "الترغيب والترهيب" (1/ 250): " التَّرْهِيب من نوم الْإِنْسَان إِلَى الصَّباح وَترك قيام شَيْء من اللَّيْل " .
- وقيل : نام عن صلاة الفريضة : العشاء أو الصبح .
قال ابن حبان عقب روايته للحديث : " قَالَ سُفْيَانُ - هو الثوري ، أحد رواة الحديث - : " هَذَا عِنْدَنَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ نَامَ عَنِ الْفَرِيضَةِ " .
وقال الحافظ رحمه الله :
" وَيُرَادُ بِهِ صَلَاةُ اللَّيْلِ أَوِ الْمَكْتُوبَةُ ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ سُفْيَانَ : هَذَا عِنْدَنَا نَامَ عَنِ الْفَرِيضَة " انتهى من "فتح الباري" (3/ 28)
وقال ابن حزم رحمه الله :
" إنَّمَا هُوَ عَلَى الْفَرْضِ " انتهى من "المحلى" (2/ 6)
وذهب الطحاوي رحمه الله إلى أن المقصود النوم عن صلاة العشاء ، كما في "طرح التثريب" (3/ 86) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل الذي لم يصل الصبح أنه: بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ " انتهى من "شرح الأربعين النووية" (ص 189)
- وقيل : يحتمل الصلاتين جميعا : صلاة الفرض ، وصلاة الليل .
قال القرطبي رحمه الله في "المفهم" (7/41) :
" معناه : أن الذي ينام الليل كله ولا يستيقظ عند أذان المؤذنين ولا تذكار المذكرين ؛ فكأن الشيطان سدَّ أذنيه ببوله " انتهى .
وقال القاري رحمه الله :
" أَيْ: صَلَاةِ اللَّيْلِ ، أَوْ صَلَاةِ الصُّبْحِ " انتهى من "مرقاة المفاتيح" (3/ 922)
وقال السندي رحمه الله : " الظاهر عن صلاة العشاء ، ويحتمل عن التهجد، وبه يشعر كلام أصحاب السنن " انتهى من "هامش مسند أحمد" (6/ 22)
ثانيا :
روى أبو داود (1314) والنسائي (1784) عن عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا مِنَ امْرِئٍ تَكُونُ لَهُ صَلَاةٌ بِلَيْلٍ، يَغْلِبُهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ، إِلَّا كُتِبَ لَهُ أَجْرُ صَلَاتِهِ، وَكَانَ نَوْمُهُ عَلَيْهِ صَدَقَةً) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
وروى ابن ماجة (1344) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ، وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ فَيُصَلِّيَ مِنَ اللَّيْلِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ حَتَّى يُصْبِحَ، كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى، وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ)
وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .
والمقصود بذلك قيام الليل ، كما هو ظاهر، جاء في "الموسوعة الفقهية" (42/ 65):
" قَال الْفُقَهَاءُ: يُسَنُّ نِيَّةُ قِيَامِ اللَّيْل عِنْدَ النَّوْمِ لِيَفُوزَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ مِنَ اللَّيْل فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ حَتَّى أَصْبَحَ كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى، وَكَانَ نَوْمُهُ عَلَيْهِ صَدَقَةً مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَل ) " انتهى .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" من كان له ورد يصليه من الليل فنام ومن نيته أن يقوم إليه فغلب عينه نوم : كتب له أجر ورده، وكان نومه عليه صدقة " انتهى من "طريق الهجرتين" (ص 360)
ولكن تدخل فيه أيضا صلاة الفرض ، فمن نام عن صلاة الفرض وكان في نيته أن يقوم لها كتب له أجر الصلاة .
قال ابن عبد البر رحمه الله : " مَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الْقِيَامَ إِلَى صَلَاتِهِ الْمَكْتُوبَةِ أَوْ إِلَى نَافِلَتِهِ مِنَ اللَّيْلِ فَغَلَبَتْهُ عينه : فقد جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ صَلَاتِهِ ، وَنَوْمُهُ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ " انتهى من "الاستذكار" (2/ 376)
وانظر جواب السؤال رقم : (65605) .
تعليق