نص الجواب
الحمد لله
أولا :
روى ابن خزيمة في " صحيحه" (1887) عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ : خَطَبَنَا
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ
فَقَالَ : ( أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ
... ) الحديث ، وفيه : ( وَهُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ، وَأَوْسَطُهُ
مَغْفِرَةٌ ، وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ ) .
وقد تقدم في إجابة السؤال رقم : (21364) بيان ضعف هذا الحديث .
وشهر رمضان كله رحمة من الله ، وكله أيضا مغفرة وعتق من النار ، ولا يختص شيء من ذلك بجزء منه دون جزء ، وهذا من واسع رحمة الله تعالى .
روى مسلم (1079) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا كَانَ رَمَضَانُ
فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ ، وَسُلْسِلَتِ
الشَّيَاطِينُ ) .
وروى الترمذي (682) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : ( إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ
صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ،
فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ ، فَلَمْ
يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ، وَيُنَادِي مُنَادٍ : يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ ،
وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ
كُلُّ لَيْلَةٍ ) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
وعلى ذلك : فتخصيص الثلث الأول من رمضان بالدعاء بالرحمة ، والثلث الثاني بالدعاء بالمغفرة ، والثلث الثالث بالدعاء بالعتق من النار مبتدع لا أصل له في الشرع ، وليس لهذا التخصيص – أيضا – ما يسوغه ؛ إذا كانت أيام رمضان كلها سواء في ذلك ؛ وإنما يدعو المسلم بما شاء من خير الدنيا والآخرة في رمضان كله ، ومن ذلك سؤال الله الرحمة والمغفرة والعتق من النار ودخول الجنة .
ثانيا :
ينبغي أن يكثر المسلم من دعاء الخير والرحمة في هذا الشهر خاصة ، استثمارا لموسم
الخير والبركة ، وتعرضا لرحمة الرب تعالى وعفوه ، وقد قال تعالى : ( وَإِذَا
سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا
دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )
البقرة/ 186.
قال ابن كثير رحمه الله :
" وَفِي ذِكْرِهِ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ الْبَاعِثَةَ عَلَى الدُّعَاءِ ،
مُتَخَلِّلَةً بَيْنَ أَحْكَامِ الصِّيَامِ ، إِرْشَادٌ إِلَى الِاجْتِهَادِ فِي
الدُّعَاءِ عِنْدَ إِكْمَالِ العِدّة ، بَلْ وعندَ كُلِّ فِطْرٍ " .
انتهى من " تفسير ابن كثير" (1/ 509) .
ويحسن بالداعي أن يجمل في الطلب ، ويكثر من الأدعية المأثورة ، وألا يتعدى في دعائه
، ويتأدب بآداب الدعاء ، ومن الأدعية التي يستحب الإكثار منها في رمضان ، وكذا في
غير رمضان :
- رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا
عَذَابَ النَّارِ .
- رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ
وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا .
- رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ
دُعَاءِ . رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ
الْحِسَابُ .
- اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني .
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، مَا
عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ
عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، اللَّهُمَّ
إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ
مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ منه عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ
الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ
النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ
تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا .
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ،
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ
وَأَهْلِي وَمَالِي ، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي ،
اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي ،
وَعَنْ شِمَالِي ، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ
تَحْتِي .
- وكذا كل دعاء جامع من أدعية الكتاب والسنة ، وكل دعاء بخير ، اجتهد فيه العبد ،
فيما بينه وبين ربه ، ولا يختص شيء من ذلك برمضان .
- كما يستحب أن يقول بعد إفطاره : ( ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء
الله )
انظر إجابة السؤال رقم : (14103) ، والسؤال رقم : (26879) .
- وليجتهد في الدعاء في الثلث الأخير خاصة من كل ليلة .
انظر إجابة السؤال رقم : (140434) .
- ويكثر في العشر الأواخر من قول : ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني )
انظر إجابة السؤال رقم : (36832) .
وانظر إجابة السؤال رقم : (36902) لمعرفة آداب الدعاء .
والله أعلم .
المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب
تعليق